الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا يجوز سماع الموسيقى، ولا الإنشاد المشتمل على محرم ولو كان خاليا من الموسيقى، فالواجب على أخيك تقوى الله تعالى، والبعدُ عما حرمه سبحانه وتعالى. والواجبُ عليكم نصحه، وتذكيره بالله. فإن انتهى، فبها ونعمت، وإلا، فقد أديتم واجب النصيحة.
وإذا كنتم معه في السيارة وشغل الموسيقى، أو ما يحرم استماعه وأبى أن يغلقه، فإنه يشرع لكم أن تضعوا شيئا في آذانكم، لكيلا تسمعوه، فقد روى أحمد في المسند وابن حبان في صحيحه -واللفظ لأحمد- عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «سَمِعَ صَوْتَ، زَمَّارَةِ رَاعٍ، فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَعَدَلَ رَاحِلَتَهُ عَنِ الطَّرِيقِ»، وَهُوَ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ، فَيَمْضِي، حَتَّى قُلْتُ: لَا، فَوَضَعَ يَدَيْهِ، وَأَعَادَ رَاحِلَتَهُ إِلَى الطَّرِيقِ، وَقَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ، فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا».
ولا يلزمكم إغلاق الأذن عن السماع، لا في الصلاة، ولا في خارجها، ولا إثم عليكم في مجرد السماع ما دمتم لم تقصدوا سماعه، وتنكرونه بقلوبكم ولا حيلة لكم في إزالته، وهناك فرق بين السماع، والاستماع، فالاستماع كما يقول الفقهاء "هُوَ شَغْلُ السَّمْعِ بِالسَّمَاعِ" والسماع يقع بدون قصد، ولا انتباه.
وقد قال النووي في المجموع، فيمن سمع منكرا: فإن قصد إلى سماع المنكر، أثم بذلك. وإن لم يقصد إلى استماعه، بل سمعه من غير قصد، لم يأثم بذلك لخبر نافع ...اهــ. وذكر حديث ابن عمر المتقدم ذكره.
وقال صاحب الفواكه الدواني من كتب المالكية: وَلَا يَحِلُّ لَك أَيْضًا أَنْ تَتَعَمَّدَ سَمَاعَ شَيْءٍ مِنْ الْمَلَاهِي كَالْمِزْمَارِ، وَالطُّنْبُورِ، وَالْعُودِ، ... اهــ.
والله أعلم.