الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يصرف عنك السوء والفحشاء، وأن يعيذك من شر الفتن، واعلم أن جوابنا في الفتويين رقم: 123538، ورقم: 7170، مشتمل جواب سؤالك.
وأما الصيام في الحر الشديد: فلعلك إن تصبرت عليه وتذكرت فضله هان عليك, قال ابن رجب في لطائف المعارف: ومما يضاعف ثوابه في شدة الحر من الطاعات: الصيام، لما فيه من ظمأ الهواجر، ولهذا كان معاذ بن جبل يتأسف عند موته على ما يفوته من ظمأ الهواجر وكذلك غيره من السلف، وروي عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يصوم في الصيف ويفطر في الشتاء، ووصى عمر ـ رضي الله عنه ـ عند موته ابنه عبد الله فقال له: عليك بخصال الإيمان وسمى أولها: الصوم في شدة الحر في الصيف، قال القاسم بن محمد: كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ تصوم في الحر الشديد، قيل له: ما حملها على ذلك؟ قال: كانت تبادر الموت..... وكان الإمام أحمد يصوم حتى يكاد يغمى عليه فيمسح على وجهه الماء، وسئل عن من يصوم فيشتد عليه الحر، قال: لا بأس أن يبل ثوبا يتبرد به ويصب عليه الماء، كان النبي صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم، وكان أبو الدرداء يقول: صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور ـ وفي الصحيحين عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد الحر، وإن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة ـ وفي رواية: أن ذلك كان في شهر رمضان ـ لما صبر الصائمون لله في الحر على شدة العطش والظمأ أفرد لهم بابا من أبواب الجنة وهو باب الريان من دخل شرب، ومن شرب لم يظمأ بعدها أبدا، فإذا دخلوا أغلق على من بعدهم، فلا يدخل منه غيرهم. انتهى.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 267817.
والله أعلم.