الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة القراءة خلف الإمام من المسائل التي انتشر الخلاف فيها بين أهل العلم قديمًا وحديثًا، وهي من مسائل الخلاف السائغ، وأقوالهم وما نختاره تجده مبينًا في الفتوى رقم: 121558.
وإذا علمت هذا؛ فاعلم أن من أوجبوا قراءة الفاتحة خلف الإمام لم يخالفوا النص القرآني على ما توهمته، بل قالوا: إن هذا النص عام وهو مخصوص بالأدلة القاضية بوجوب القراءة خلف الإمام، والعام يحمل على الخاص، كما هو مقرر في موضعه من علم الأصول، والسنة وحي كالقرآن وإن كانت غير متعبد بتلاوتها، وهي مبينة لمجمله، ومقيدة لمطلقه، ومخصصة لعامه، والعلماء متفقون على جواز تخصيص عموم الكتاب بنص السنة، فلا يكون على قول هؤلاء العلماء ثَم تعارض بين هذه الآية والنصوص الموجبة لقراءة الفاتحة خلف الإمام عند هذا الفريق من العلماء، ومن العلماء من قدم عموم هذه الآية وخصص به حديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه. والمناقشات بين الفريقين طويلة مبسوطة في المطولات، وإنما المقصود هنا بيان أن العلماء الذين تبنوا هذا الرأي لم يخالفوا الآية، بل خصوها بنصوص دالة عندهم على عدم إرادة عمومها؛ فتنبه.
والله أعلم.