الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بقانون الوصية الواجبة المعمول به في بعض البلدان، لا يصح شرعًا، ولا تصح نسبته لأي من المذاهب الأربعة، ولا لأحد من العلماء المتقدمين، بل هو مخالف لما تدل عليه نصوص الشريعة الإسلامية، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 132800، 169383، 22734.
ومن يفتي بمقتضى هذا القانون مع اعتقاده بمخالفته لنصوص الشريعة فقد أخطأ خطأً فادحًا، وهو على خطر عظيم، فإن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، وتولى قسمة التركات بنفسه تبارك وتعالى، وبيَّن الأنصبة في كتابه، ثم قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13-14}، قال السعدي: أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها، وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها. اهـ.
وأما من يفتي به ممن هو أهل للاجتهاد، معتقدًا جواز العمل به، وأنه لا يخالف الشرع، فحكمه حكم غيره ممن اجتهد فأخطأ، فله أجر واحد، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ، فله أجر. متفق عليه.
ومع ذلك فلا يجوز لمن علم الحق في المسألة أن يقلده، قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد.
والله أعلم.