الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخمر مختلف في نجاستها، والجماهير من أهل العلم على أنها نجسة العين، وهذا الخلاف سائغ، فلا تثريب على من بدا له القول بالطهارة، أو قلد من يفتي به من العلماء الثقات، والشيخ ابن عثيمين من أفاضل العلماء فلا حرج على من قلده في هذه المسألة أو غيرها، وانظر لبيان ما يجب على العامي عند اختلاف العلماء فتوانا رقم: 169801.
وأما ما ذكرته من صعوبة توقيها ونحو ذلك فكلام مبالغ فيه، فإنه لا يشق توقي هذه العطور المشتملة على الكحول واستعمال بدائلها الخالية منها على من تحرى ذلك، وإلحاق هذه المسألة برطوبات الفرج بجامع مشقة الاحتراز فيه نظر لا يخفى، فإن القائل بالنجاسة يقول إن الدليل قام عنده على نجاستها وهو قوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ {المائدة:90}، وهذا بخلاف رطوبات الفرج فإنه مع عموم البلوى بها لم يرد ما يفيد نجاستها، ومن ثم استصحبنا الأصل وهو الطهارة، وعلى كل حال فما دمت مطمئنة للقول بطهارة الخمر مريدة لتقليد من يفتي بهذا القول فلا تثريب عليك إن شاء الله، وأما الذي نفتي به فهو نجاستها كقول الجماهير وهو أحوط الأقوال وأبرؤها للذمة، وانظر الفتوى رقم: 112455، وأما الكلام المذكور في أعلى السؤال فهو واضح، واعلمي أن اختلاط الكحول بالمائعات الأخرى على القول بنجاسته يفضي إلى تنجيسها إلا أن يستهلك في تلك المائعات فلا يظهر له فيها أثر فيحكم بطهارة هذا المائع على القول بأن المائعات لا تنجس إلا بالتغير، وانظري الفتوى رقم: 244378.
والله أعلم.