الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلمين التزام المواقيت الصحيحة، وضابط لزوم الإمساك لمن أراد الصيام هو طلوع الفجر الصادق، وانظر الفتوى رقم: 40261.
وأما أكل أهل منطقتك في هذا الوقت (أي: بعد وقت الأذان) ظنًّا منهم أن الفجر لم يحن وقته: فقد بيّنّا بالفتوى رقم: 128149 مذاهب العلماء فيمن أكل بعد طلوع الفجر ظانًّا بقاء الليل؛ فإذا أكل بعد طلوع الفجر ظانًّا بقاء الليل فقضاء تلك الأيام واجب عند جمهور أهل العلم إذا تبين أن الفجر كان قد طلع بيقين، وأما مع الشك في طلوع الفجر، فلا يلزم قضاء؛ لأن الأصل بقاء الليل.
وعن عمر -رضي الله عنه- قولان في هذه المسألة، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن من أكل ظانًّا غروب الشمس أو بقاء الليل ثم بان له عكس ذلك أنه لا قضاء عليه.
وذكرنا أن الأحوط القضاء إذا تبين أن الفجر كان قد طلع، وإن كان القول بعدم لزوم القضاء له قوة واتجاه، وأما إذا لم يكن قد تبين لك أن الفجر قد طلع فالأصل بقاء الليل -كما قدمنا- فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين.
والذي يظهر: أن الفرق بين التوقيتين بهذه الدقائق اليسيرة -حسب التوقيت- لا يحصل به اليقين بتناول المفطر في وقت الفجر بيقين، لما هو معلوم ومنتشر من الخلاف في موافقة التقويم لوقت الفجر الصادق، وانظر الفتوى رقم: 215440، ومن ثم فالظاهر: أن صومهم صحيح، ولا يظهر أن عليهم القضاء، لأنه لم يحصل اليقين بأنهم أكلوا بعد تبين طلوع الفجر.
وإنما يلزمك أن تأمرهم بتعديل وقت الأذان إذا تيقنت أنهم يؤذنون بعد الوقت، فحاول التثبت من أهل منطقتك بخصوص هذه المسألة قبل أن تقدم على ذلك.
والله أعلم.