الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم الاشتغال بتعلم الشرع انطلاقًا من نصوص الوحيين، وكتب أهل العلم المعتبرين، وأن يبتعد عن النظر في مواقع الملحدين، وكتاباتهم إلا إذا كان عنده علم يأمن به انطلاء شبه أهل الضلال عليه، وكان يريد الرد عليهم.
وأما الفاتحة: فهي السورة الأولى من القرآن، وهذا متفق عليه بين القراء، وفيها ثناء، ودعاء، علمه الله لنا، وأمرنا أن نقوله؛ فقد جاء في تفسير الجلالين: ويقدر في أولها قولوا؛ ليكون ما قبل إياك نعبد مناسبًا له بكونها من مقول العباد. اهـ.
وفي تفسير الطبري: فإن قال لنا قائل: وما معنى قوله: "الحمد لله"؟ أحمد الله نفسه -جل ثناؤه- فأثنى عليها، ثم علمناه لنقول ذلك كما قال ووصف به نفسه، فإن كان ذلك كذلك، فما وجه قوله -تعالى ذكره- إذن: (إياك نعبد وإياك نستعين) وهو -عز ذكره- معبود لا عابد؟ أم ذلك من قيل جبريل، أو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقد بطل أن يكون ذلك لله كلامًا. قيل: بل ذلك كله كلام الله -جل ثناؤه-، ولكنه -جل ذكره- حمد نفسه، وأثنى عليها بما هو له أهل، ثم علم ذلك عباده، وفرض عليهم تلاوته، اختبارًا منه لهم، وابتلاء، فقال لهم قولوا: (الحمد لله رب العالمين)، وقولوا: (إياك نعبد وإياك نستعين)، فقوله: (إياك نعبد) مما علمهم -جل ذكره- أن يقولوه، ويدينوا له بمعناه، وذلك موصول بقوله: (الحمد لله رب العالمين)، وكأنه قال: قولوا هذا وهذا. اهـ.
وأما عن المخطوطات، والتفاسير التي ذكرت: فإنا لم نطلع على ما يثبت صحة ذلك، ولو حصل ذلك فعلًا فإن هذا لا ينفي قرآنيتها؛ لأن قرآنيتها ثبتت بالتواتر، ونقل أئمة القراء المتواتر في جميع الأقطار والأعصار.
وأما القراءات الشاذة: فلا تعارض ما اتفق القراء على صحته من القراءات المتواترة، علمًا بأنا بحثنا عن هذا الأسلوب، فلم نجده في شيء من المراجع إلا في موقع إلحادي عزاه لمخطوط مجهول، ومثل هذا لا ينبغي الاشتغال به؛ فأحرى أن يولد شبهة في قلب مسلم يرى مصاحف منتشرة يتناقلها الحفاظ بالتواتر في جميع أرجاء الدنيا.
ونكتفي بجواب سؤالك الأول عملًا بمنهج الموقع.
والله أعلم.