الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم دليلا يفيد صحة ما ذكر، وعلى أي حال فيمكن سؤال الثقات من المتخصصين في الرقية، فإن أقروه فلا نرى مانعا منه، لأن ما يقال ويفعل في الرقية ليس توقيفيا، وإنما مداره على عدم اقتراف أمر محرم، لما روى مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
واعلم أن المسحورـ أثناء الرقية وقبلها أو بعدها ـ قد يعي ما حوله وقد لا يعيه، فيكون غير مكلف حينئذ، ولا مؤاخذ بما يصدر منه في حال عدم وعيه، قال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وقال الشيخ: إذا بلغ به السحر إلى أن لا يعلم ما يقول لم يقع به الطلاق ـ لأنه لا قصد له إذن. اهـ.
وأما الحديث مع الجن للتعرف على من قام بالسحر: فلا يجوز، لأن الجن أهل كذب ودجل، فلا يؤمن كذبهم فيما يقولون، وأن يلصقوا التهمة بالبرآء ليوقعوا العداوة بين الناس، قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: وأما اللجوء إلى الجن فلا... لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم، لأن في الجن من هو كافر، ومن هو مسلم، ومن هو مبتدع، ولا تعرف أحوالهم، فلا ينبغي الاعتماد عليهم ولا يسألون، وقد ذم الله المشركين بقوله تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً {الجـن:6} ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم، فأرى أنه لا يجوز، لأن في ذلك استخداما لهم، وقد لا يخدمون إلا بتقرب إليهم واستضعاف لهم. اهـ.
وقد بينا ذلك واضحا في الفتاوى التالية أرقامها: 54502، 7369، 35298.
كما بينا الطرق الشرعية لعلاج السحر في الفتاوى التالية أرقامها: 20791، 20082، 8243، 17576.
والله أعلم.