الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت أنت المتسبب في قتل هؤلاء الستة، فعليك لكل واحد منهم كفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم توجد، فعليك صيام شهرين متتابعين عن كل نفس قتلت خطأ، ولا يقوم ما ذكرت من إخراج المال مقام العتق، ولا يقوم غير العتق مقامه لا دفع دية من حكم عليه بالقتل ولا غير ذلك، فإن عجزت عن العتق، فالواجب عليك الصوم، فإن عجزت عن الصوم فاختلف العلماء هل يشرع لك الإطعام والحال هذه، فتطعم عن كل كفارة ستين مسكينا كما في كفارة الظهار أو لا؟ ولتنظر الفتوى رقم: 263044.
وعليه، فالواجب عليك أن تصوم شهرين متتابعين عن كل نفس، وذلك سنة ليس منها رمضان، وليس سنة وثلاثة شهور مع رمضان كما ذكرت، فإن عجزت عن الصوم فأطعم ستين مسكينا عن كل كفارة على أحد القولين، وعلى القول الثاني فلا شيء عليك، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فكفارة القتل الخطأ أن يصوم القاتل شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي، فإن أفطر ولو يوماً واحداً بغير عذر شرعي وجب عليه إعادة الشهرين، لأن الله تعالى اشترط فيهما التتابع، فإن لم يستطع الصيام، فلا شيء عليه، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ـ وقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا.... وإني بهذه المناسبة أحذر إخواننا الذين يقودون السيارات من التهور في القيادة وعدم المبالاة، فتجده يخالف ما يعرفه من أنظمة المرور ولا يراعي ذلك ولا يهتم وتجده يكون مسرعاً إذا قاد سيارته داخل البلد، ويقف بدون إشارة الوقوف وينحرف يميناً أو يساراً بدون إشارة مما يوجب الخطر عليه وعلى غيره، وليعلم أن الكفارة لا تسقط إذا عفى أولياء المقتول عن الدية كما يظنه بعض العامة، وذلك لأن الكفارة حق لله، والدية حق للآدمي، فإذا أسقط الآدمي حقه فإنه لا يملك إسقاط حق الله تبارك وتعالى، فتبقى الكفارة عليه، والكفارة تتعدد بتعدد المقتولين، فلو جنى على شخصين فماتا لزمه أن يصوم أربعة أشهر كل شهرين متتابعين، وإن جنى على ثلاثة لزمه أن يصوم ستة أشهر، وهكذا لكل نفس شهران متتابعان. انتهى.
والله أعلم.