الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأغراض التأليف ومقاصده لا تنحصر في الابتكار والإضافة أو إكمال النقص، بل له أغراض أخرى نافعة؛ قال حاجي خليفة في (كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون): التأليف على: سبعة أقسام، لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها. وهي: إما شيء لم يسبق إليه، فيخترعه. أو شيء ناقص يتممه. أو شيء مغلق يشرحه. أو شيء طويل يختصره، دون أن يخل بشيء من معانيه. أو شيء متفرق يجمعه. أو شيء مختلط يرتبه. أو شيء أخطأ فيه مصنفه، فيصلحه.
وينبغي لكل مؤلف كتاب في فن قد سبق إليه: أن لا يخلو كتابه من خمس فوائد: استنباط شيء كان معضلًا. أو جمعه إن كان مفرقًا. أو شرحه إن كان غامضًا. أو حسن نظم وتأليف وإسقاط حشو وتطويل. اهـ.
فالشرح والإيضاح، والتهذيب والاختصار، والجمع والترتيب، وبيان الوهم وإصلاح الخطأ، ونحو ذلك مما ينتفع به القارئ؛ يدخل في الأغراض المقصودة للتأليف. ولبعض المعاصرين في ذلك جهد مشكور، ويمكن الاطلاع على طرف من هذه الجهود في ما يتعلق بالأصلين: الكتاب والسنة، من خلال هذين البحثين:
ـ جهود المعاصرين في تنقية التفسير للباحث إبراهيم صيدم.
ـ جهود المعاصرين في خدمة السنة المشرفة للباحث محمد أبو صعيليك. هذا أولًا.
وثانيًا: هناك الكثير من حوائج الناس وأحوالهم مما هو مستجد حادث، يحتاج إلى اجتهاد شرعي لبيان حكمه، وهو ما يعرف بفقه النوازل، وهي موزعة على أبواب: العبادات، والمعاملات، والجنايات، والقضاء، والسياسة الشرعية، والأحوال الشخصية، والمسائل الطبية، والأطعمة والأشربة، واللباس والزينة، وغير ذلك مما يخص المرء والمجتمع. وقد تصدى طائفة من المعاصرين لذلك فأفادوا وأجادوا. وهذا وحده كاف لإبطال الإطلاق في دعوى أن المعاصرين لم يضيفوا شيئًا في العلوم الشرعية! وراجع في ذلك كتاب: (فقه النوازل دراسة تأصيلية تطبيقية) للدكتور/ محمد الجيزاني.
والله أعلم.