الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك هذا وما قبله من الأسئلة أنك مصاب بمرض الوسواس، لذا ننصحك بالإعراض عنه، وعدم الالتفات إليه، فإن ذلك أنجع ما يعالج به هذا الداء، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 51601، 3086.
وبخصوص سؤالك: فإن الوسخ الذي تحت الأظافر قد اختلف فيه أهل العلم، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 125256.
وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه معفو عنه ما لم يخرج عن المعتاد بتجاوزه إلى رأس الأصبع، كما جاء في نظم الميابي لنظم نوازل العلوي الشنقيطي حيث قال:
وليس فيما تحت الظفر من حَرجْ * إلا إذا عن رأس أصبع خرجْ.
وَمَا فِي نَظْمِ قَوَاعِدِ ابْنِ رُشْدٍ:
وَوَسَخُ الْأَظْفَارِ إنْ تَرَكْتَهُ * فَمَا عَلَيْكَ حَرَجٌ أَوْ زِلْتَهُ.
وقال الحطاب: "سُئِلَ السُّيُورِيّ: هَلْ يَلْزَمُ زَوَالُ وَسَخِ الْأَظْفَارِ فِي الْوُضُوءِ؟ فَأَجَابَ: لَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِهَذَا إنْ أَطَعْتَنِي وَاتْرُكْ الْوَسْوَاسَ وَاسْلُكْ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ الصَّالِحِ تَسْلَمْ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: أَرَادَ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ تَرْكُ هَذَا التَّعَمُّقِ ... ؛ لِأَنَّ حُكْمَ هَذَا حُكْمُ دَاخِلِ الْجِسْمِ وَلِتَكَثُّرِهِ فِي الْإِنْسَانِ فَأَشْبَهَ مَا عُفِيَ عَنْهُ مِنْ جِلْدِ الْبَثْرَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَخْلُو الْجِسْمُ مِنْهُ غَالِبًا ... وَظَاهِرُ الشَّرِيعَةِ التَّسَامُحُ فِي مِثْلِ هَذَا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ذَا وَسْوَسَةٍ". اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: "وَإِنْ مَنَعَ يَسِيرُ وَسَخِ ظُفْرٍ وَنَحْوِهِ وُصُولَ الْمَاءِ صَحَّتْ الطَّهَارَةُ، وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِنَا، وَمِثْلُهُ كُلُّ يَسِيرٍ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ حَيْثُ كَانَ؛ كَدَمٍ، وَعَجِينٍ". اهـ
وعلى هذا القول؛ فإن وضوءك وعباداتك السابقة صحيحة -إن شاء الله تعالى-.
أما الغبار والأوساخ التي تكون على القدم أو غيره من الجسم: فإنها لا تؤثر على صحة الطهارة؛ لأنها لا تمنع من وصول الماء إلى البشرة، كما جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: "وَالْمُرَادُ بِالْوَسَخِ الْمُتَجَسِّدُ الْحَائِلُ الَّذِي يُطْلَبُ إزَالَتُهُ فِي الْوُضُوءِ كَطِينٍ مَثَلًا. أَمَّا الْوَسَخُ الْغَيْرُ الْحَائِلِ فَلَا يُطْلَبُ إزَالَتُهُ فِي الْوُضُوءِ".
ولذلك فإن غسل النعلين والقدمين عند الوضوء للغبار وغسلهما أيضًا للوضوء من التنطع والتعمق المنهي عنه والمذموم شرعًا، والذي عليك عند الوضوء هو غسلهما للوضوء فقط.
ومرة أخرى: ننصحك بالابتعاد عن الوساوس وعدم الالتفات إليه؛ فإن ذلك أنفع علاج له، ونسال الله لك الشفاء العاجل.
والله أعلم.