الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تكتسبه المرأة من راتب حق خالص لها لا يجوز لزوجها أن يأخذ منه شيئا، أو أن يلزمها بالمشاركة في النفقة إلا أن تتبرع بطيب نفس منها، فهذا القول الذي سمعته من المحامي لا أساس له في الشرع، ولكن من حقك أن تشترط على زوجتك جزءا من الراتب تدفعه إليك مقابل سماحك لها بالعمل، وانظر الفتوى رقم: 36890، ولا شك في أنه من كريم خلق الزوجة وطيب معشرها أن تعين زوجها في أعباء الحياة، وبذلك تقوى المودة بينهما.
وسبب وجوب نفقة الزوجة على الزوج كونها محبوسة في البيت لحق زوجها كما نص على ذلك الفقهاء، ونقلنا كلامهم في ذلك بالفتوى رقم: 113241، فإذا كان الزوج قائما بالنفقة فلا يجوز للزوجة الخروج للعمل بغير إذنه، وإلا كانت ناشزا، وكذلك يجب عليها إجابته إذا دعاها إلى الفراش، فإن امتنعت لغير عذر شرعي كانت ناشزا أيضا، فمن حق الزوج أن يمتنع عن الإنفاق عليها حتى ترجع عن نشوزها، ومجرد التعب ليس عذرا شرعيا يبيح للمرأة الامتناع عن إجابة زوجها للفراش، وراجع الفتويين التالية أرقامهما: 29115، 233884.
وإذا لم يكن هنالك اشتراط صريح عند العقد، أو عرف معمول به يقوم مقام الشرط فيما يتعلق بعمل الزوجة، فللزوج الحق في منع زوجته من العمل، ويجب عليها طاعته في ذلك، فطاعة المرأة زوجها في المعروف واجبة، وسبق أن أوضحنا ذلك بالفتوى رقم: 36974.
وينبغي أن تقوم الحياة الزوجية على أساس التفاهم والتعاون بين الزوجين بحيث يعين كل منهما الآخر، وخاصة فيما يتعلق برعاية الأولاد والعناية بهم والقيام على حسن تريبتهم وتعليمهم، فإنها أمور مشتركة بين الزوجين، وعلى كل منهما أن يعمل على ما فيه إسعاد صاحبه، وعلى الزوجة خاصة أن تجيب زوجها إذا دعاها للفراش، ولا يجوز لها الامتناع لغير عذر شرعي، وما ذكر من أمر التعب لا يسوغ لها الامتناع، وتراجع الفتوى رقم: 21691.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.