الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصلاة والصيام ركنان من أعظم أركان الإسلام لا يقوم الدين إلا بهما، وفرضهما من المعلوم من الدين بالضرورة عند المسلم، ولكن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن ضيعها فقد ضيع الدين، وقد اختلف أهل العلم في حكم تاركها مع الإقرار بوجوبها هل يكفر كفرا أكبر مخرجا من الملة، أو يكفر كفرا دون كفر؟ فمن قال بأن تاركها مع الإقرار بوجوبها لا يكفر كفرا أكبر، قال بأن صيامه صحيح مجزئ عنه، ومن قال بأنه كافر كفرا أكبر قال: إن عمله قد حبط، ولا ينفعه صيام ولا غيره من الطاعات مع تركه للصلاة ولو أقر بوجوبها. وبناء على القول بعدم كفر تارك الصلاة كفرا أكبر، فإن من يصوم ولا يصلي صومه صحيح مجزئ عنه، والواجب عليه أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى وإلى قضاء ما فاته من الصلوات، فإن الصلاة أولى بالمحافظة عليها من أي شيء آخر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود، والنسائي.
ثم إن كان العمل في هذا الجيش يمنعه من أداء الصلاة، فإن عليه أن يتركه ويبحث عن عمل آخر يحفظ له آخرته مع دنياه، فلا خير في عمل يمنع المسلم من أداء صلاته، قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9}.
فالصلاة لا تسقط عن العبد بحال من الأحوال ما دام عنده عقل، فإن كان التجنيد إجباريا وكان يؤمر بترك الصلاة فعليه ألا يطيع الأمر ويؤدي الصلاة كيفما استطاع، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى.
والله أعلم.