الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما ذكرته صحيحًا من أن زوجة أبيك تثير الشحناء بينك وبين أخيك فلا شك في أنها مسيئة بذلك وساعية في الفتنة، فهي بذلك تشبه السحرة والشياطين في سعيهم في التفريق بين الأحبة، قال تعالى عن السحرة: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ {البقرة:102}، وفي الحديث الذي رواه مسلم بيان فعل الشياطين، وهو من رواية جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة؛ يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئًا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته -قال:- فيدنيه منه ويقول: نعم أنت».
ومع هذا كله هي زوجة للأب، وبرها من بر الأب، فينبغي الصبر على ظلمها وأذاها، كما سبق وأن أوضحنا في الفتويين: 54560، 76545. وهذا لا يمنع أن تقوم بنصحها وتخويفها بالله تعالى، بل يجب نصحها. أما الضرب: فلا يجوز لك ضربها، بل ولا ينبغي أن تفكر فيه فضلًا عن أن تنفذه وتقدم عليه، خاصة مع حالها من تقدم السن والمرض، فولاية تأديبها حق لزوجها وليست لك.
وينبغي لك ولأخيك أن تتحريا الحكمة والعقل وتفوتا الفرصة على شياطين الجن والإنس، فاطلب وسطاء الخير إن اقتضى الأمر ذلك، واجلس مع أخيك جلسة تفاهم لئلا تقعا في قطيعة الرحم والتي هي كبيرة من كبائر الذنوب، كما هو مبين في الفتوى رقم: 43714.
والله أعلم.