الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن السحر حق، وله تأثير على المسحور بقضاء الله وقدره، فقد يحصل من المسحور بعض التصرفات تحت تأثير السحر.
ويدل لحصول هذا التأثير بإذن الله، قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {البقرة:102}.
وقد ذكر أهل العلم أنه لا إثم على المسحور إذا كان في حالة فقد وعي، بحيث لا يدري ما يصدر منه، أو كان يدريه، ولكنه يجد نفسه مجبرًا عليه بسبب سحر، أثر على عقله تأثيرًا يجعله غير قادر على التحكم فيما يصدر عنه؛ لأنه إما مثل المكره، وإما مثل المجنون، والمعتوه، والمغمى عليه.
ولا يقع الطلاق الذي صدر منه في هذه الحالة، كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وابن حبان.
قال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وقال الشيخ: إذا بلغ به السحر إلى أن لا يعلم ما يقول، لم يقع به الطلاق. انتهى. لأنه لا قصد له إذن. اهـ.
والله أعلم.