الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمصلي يكفيه العزم على أداء الصلاة التي يؤديها, كأن ينوي بقلبه أنه يريد الإحرام بصلاة الظهر أو العصر مثلًا، جاء في الشرح الكبير للدردير المالكي متحدثًا عن فرائض الصلاة: وثالثها: نية الصلاة المعينة بأن يقصد بقلبه أداء فرض الظهر مثلًا. انتهى.
وينبغي استحضار نية الإخلاص عند الشروع في الصلاة, أو غيرها من الطاعات, جاء في بستان العارفين للإمام النووي: اعلم أنه ينبغي لمن أراد شيئا من الطاعات وإن قلَّ أن يحضر النية، وهو أن يقصد بعمله رضا الله عز وجل وتكون نيته حال العمل، ويدخل في هذا جميع العبادات من الصلاة والصوم والوضوء والتيمم والاعتكاف والحج والزكاة والصدقة وقضاء الحوائج وعيادة المريض واتباع الجنائز وابتداء السلام ورده وتشميت العاطس وإنكار المنكر والأمر بالمعروف وإجابة الدعوة وحضور مجالس العلم والأذكار وزيارة الأخيار والنفقة على الأهل والضيف وإكرام أهل الود وذوي الأرحام ومذاكرة العلم والمناظرة فيه وتكراره وتدريسه وتعليمه ومطالعته وكتابته وتصنيفه والفتاوي، وكذلك ما أشبه هذه الأعمال حتى لا ينبغي له إذا أكل أو شرب أو نام يقصد بذلك التقوى على طاعة الله، أو راحة البدن للتنشيط للطاعة. انتهى.
ويمكن للشخص أن ينوي أكثر من نية عند الصلاة, وهذا لا ينافي الإخلاص, بل زيادة في ثواب هذا العمل الصالح، قال النووي أيضا: وكذلك إذا أراد جماع زوجته يقصد إيصالها حقها، وتحصيل ولد صالح يعبد الله تعالى، وإعفاف نفسه وصيانتها من التطلع إلى حرام والفكر فيه، فمن حرم النية في هذه الأعمال، فقد حرم خيرا عظيما كثيرا، ومن وفق لها فقد أعطي فضلا جسيما، فنسأل الله الكريم التوفيق لذلك وسائر وجوه الخير، ودلائل هذه القاعدة ما قدمناه من قول رسول صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. انتهى.
وفي كتاب: طريقك إلى الإخلاص للشيخ عبد الله بن ضيف الله الرحيلي: والتداخل بين الإخلاص والنية غير منكر، إلا أن النية قد تكون أعمَّ من وجهٍ، فإن الإخلاص لا يتصور من غير نية، بخلاف النيّة، فقد توجد بغير إخلاص، كما أن النيّة تتميز بالتعدد في المرادات، فيمكن للعامل أن ينوي بعملٍ واحد، أموراً عديدة مختلفة، فإن كانت حسنة ازداد ثوابه بزيادة تلك المقاصد الحسنة، وإن كانت مشوبة فله من الخير والشر بقسطه. انتهى.
والله أعلم.