الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم في هذه الأرض التي ورثها أبوك وعمك عن جدك ـ والحال أنه ليس ثمة وارث غيرهما ـ أن تقسم بينهما على حد السواء، فيأخذ كل منهما نصفها، ويمكنك أن تراجع في أنواع القسمة الفتوى رقم: 66593، بعنوان: قسمة التركة بأنواع القسمة الثلاثة.
وبما أن الأرض المذكورة تتفاوت أجزاؤها لوجود بئر فيها، فلا تكفي قسمتها بالتساوي بينهما، لما في ذلك من الغبن للطرف الذي يتولاه الجزء الخالي من البئر، وهنا ـ فإن لم يرض المغبون ـ فلابد من قسمة الأرض على نحو يتفقان عليه؛ فإما أن يعوض أحدهما للآخر عن البئر نقدا، أو يتنازل له عن جزء من نصيبه في الأرض مقابل البئر، أو ما شابه ذلك مما يحصل عليه الاتفاق، أو تعدل القسمة بحسب قيمة الأرض ويقترع عليها، جاء في الشرح الممتع للعثيمين: ويكون التعديل بالقيمة بأن يقال مثلاً: جانب الأرض هذا طيب، وجانب الأرض هذا رديء، وهي أنصاف بيننا، ولو عدلناها بالأجزاء لم نتمكن، ولا يمكن أن نعدلها إلا إذا أضفنا إلى أحد السهام شيئاً من المال، فقسمته قسمة تراضٍ، مثال التعديل بالقيمة: أرض مساحتها ستمائة متر، وهي بيننا نصفان، لو عدلناها بالأجزاء كان لكل واحد ثلاثمائة، ولكنها ما تتعدل، لأن بعضها طيب وبعضها غير طيب، بعضها فيه بئر وبعضها ليس فيه بئر، فنعدلها بالقيمة، قالوا: الأرض الطيبة نجعلها ثلثاً والرديئة ثلثين، التي فيها البئر نجعلها ثلثاً، والتي ليس فيها بئر نجعلها ثلثين. اهـ.
وعلى هذا، فإنه ينبغي النظر فيما تم الاتفاق عليه بين أبيكم وعمكم حين قسمة الأرض، فإن كانا قد قسماها على أن يأخذ والدكم منها 1930 مترا مقابل أن يأخذ عمكم 1830 مترا مع البئر وتراضيا على ذلك، فقد تم ذلك، وقسمة التراضي تنزل منزلة البيع، فهي لازمة للطرفين، ومن ثم فليس لعمكم الرجوع عن ما حصل من اتفاق بينه وبين أخيه، وليس له المطالبة بشيء من نصيبه في الأرض، لأن القسمة قد تمت على ما تمت عليه، وإن كان عمكم لم يرض بذلك ولم يوافق عليه، فله المطالبة بحقه كاملا، كما لكم أنتم المطالبة بحقكم كاملا، ومن ثم إعادة النظر في الكيفية التي تقسم بها الأرض وعلى كل ما سبق، فالرجوع للقضاء هو الحل لينظر في مدى صحة القسمة السابقة للأرض إن كانت قد قسمت، أو يقسمها من جديد في حال ما إذا لم تكن قد قسمت من قبل.
والله أعلم.