الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإمامة المسبل صحيحة كما بيناه في الفتوى رقم: 274180، وقد أخطأ ذلك الرجل في خروجه من المسجد وترك صلاة الجماعة لمجرد كون الإمام مسبلا، وإسبال الإمام ليس عذرا يبيح الخروج من المسجد بعد الأذان وتفويت الجماعة.
والإسبال لغير الخيلاء قد اختلف فيه العلماء، فمنهم من حرمه وهو الذي نفتي به، ومنهم من قال إنما يحرم إذا كان للخيلاء.
وإذا كانت المسألة مختلفا فيها خلافا سائغا فليس لأحد إذا ظهرت له صحة قول أو قلد من يفتي به أن ينكر على غيره ممن يتبنى خلاف قوله، فضلا عن أن يهجره أو يترك الصلاة خلفه، والخروج من المسجد بعد الأذان وتفويت الجماعة لا يجوز، قال ابن قدامة في المغني: فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ إلَّا لِعُذْرٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، أَنْ لَا يَخْرُجَ أَحَدٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ، قَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: كُنَّا قُعُودًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يَمْشِي، فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ، لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ، فَهُوَ مُنَافِقٌ}. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. اهـ
والله تعالى أعلم.