الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد شككت في وجود الدود قبل الطواف أم بعده, فإنك تعملين على أنها طارئة بعد الطواف، فيكون طوافك صحيحًا؛ لأن الحادث يضاف إلى أقرب وقت, قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن. انتهى.
وإذا تحققت أن الطواف قد حصل بعد نزول الدود, فإن عمرتك غير صحيحة؛ فجمهور أهل العلم على أن الطواف لا يجزئ دون طهارة, ومن ثم فمن طاف بغير طهارة فكمن لم يطف، لكن الطهارة لا تشترط للطواف عند الحنفية، وعلى رواية للحنابلة, وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 29645.
فعلى مذهب الجمهور؛ يجب عليك الآن الكف عن جميع محظورات الإحرام؛ من تطيب، وقص شعر، وجماع أو مقدماته... إلى آخرها، حتى ترجعي لمكة، ثم تأتي بطواف صحيح، ثم تسعي بعده، ثم تقصري من شعرك، وبذلك يحصل التحلل من العمرة.
وبخصوص ما أقدمتِ عليه من محظورات الإحرام قبل التحلل من هذه العمرة: فما كان منه من قبيل الإتلاف؛ كقص الشعر، وتقليم الأظافر، ففي كل جنس منه فدية واحدة، والفدية هي: شاة تذبح بمكة، وتوزع على المساكين هناك، أو صوم ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة آصع من طعام على ستة مساكين. وما كان من قبيل الترفه؛ كاستعمال الطيب، فلا شيء فيه إذا كان جهلًا، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 14023.
وإن حصل منك جماع جهلًا، فلا تفسد عمرتك عند كثير من أهل العلم، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 15047.
فإن عجزت عن الرجوع لمكة بكل حال, فقد صرت في حكم المحصر؛ فتتحللين بنحر هدي في بلدك أو مكة، وتقصرين، وتجزئك شاة, فإن عجزت عن الهدي صمت عشرة أيام، وراجعي الفتوى رقم: 287452.
والقول بعدم اشتراط الطهارة للطواف هو مذهب الحنفية، ورواية للحنابلة -كما سبق-, وهو قول مرجوح عندنا، لكننا قد بيّنّا في الفتوى رقم: 125010 أن الأخذ بالقول المرجوح والفتوى به بعد وقوع الأمر، مما سوغه كثير من العلماء, وعلى هذا القول؛ فعمرتك صحيحة, ويجزئك دم, وأقله شاة تذبح في مكة, وتوزع على الفقراء من أهلها, وبالإمكان توكيل من ينوب عنك في ذلك, وراجعي الفتوى رقم: 203788.
وراجعي بشأن حكم خروج الدود من الدبر الفتوى رقم: 177847.
والله أعلم.