الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاتفاق المذكور باطل شرعًا، فالتنازل عن التركة قبل استحقاقها لا اعتبار له؛ لأنه إسقاط حق قبل وجوبه، فللزوجة نصيبها من تركة زوجها.
وما في الاتفاق من وصية للزوجة بعد موت الزوج فإنها لا تنفذ، إلا إن أجازها بقية الورثة، لما أخرجه أحمد والترمذي عن عمرو بن خارجة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال ابن عبد البر: قال مالك: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أنها لا تجوز وصية لوارث. وهذا كما قال مالك -رحمه الله- وهي سنة مجتمع عليها لم يختلف العلماء فيها إذا لم يجزها الورثة، فإن أجازها الورثة فقد اختلف في ذلك؛ فذهب جمهور الفقهاء المتقدمين إلى أنها جائزة للوارث إذا أجازها له الورثة بعد موت الموصي، وذهب داود بن علي وأبو إبراهيم المزني وطائفة إلى أنها لا تجوز وإن أجازها الورثة على عموم ظاهر السنة في ذلك. اهـ. من التمهيد.
وقال ابن هبيرة: واتفقوا على أنه لا وصية لوارث إلا أن يجيز ذلك الورثة. اهـ. من اختلاف الأئمة العلماء.
ومع بطلان الاتفاق المذكور، فإن الزوجة تستحق مهر مثلها، وليس لها العطاء المتفق عليه، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 195009.
والله أعلم.