الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى ألا تطلق امرأتك للسبب المذكور، فإنّ المكرهة على الزنا لا إثم عليها، فأمسك زوجتك وبيّن لها أنّه لا وزر عليها ما دامت أكرهت على الزنا، وحذّرها من الإقدام على الانتحار، فهو من كبائر الذنوب، كما بيناه في الفتوى رقم: 10397
وأما الحمل: فالأصل أنّه لاحق بك ما دام قد حصل والزوجية بينكما قائمة، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ. متفق عليه.
وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز وطء الزوجة التي وقعت في الزنا وعدم وجوب استبرائها، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:.. بل إن القول المروي عن أبي بكر وجماعة من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أن المزني بها لا عدة عليها إطلاقاً ولا تستبرأ، لا سيما إذا كانت ذات زوج، لقول الرسول عليه الصلاة السلام: الولد للفراش.
لكن إذا كنت تيقنت أنّ هذا الحمل ليس منك، فعليك نفي هذا الحمل واعتزال زوجتك حتى تضعه، قال العمراني الشافعي رحمه الله: وأما إذا طهرت امرأته من الحيض، ولم يطأها، ورأى رجلا يزني بها، وأتت بولد لستة أشهر فصاعدا من وقت الزنا.. لزمه قذفها بالزنا ونفي النسب عنه، لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم.. فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته ـ فإذا حرم على المرأة أن تدخل على قوم من ليس منهم.. حرم ذلك على الرجل أيضا، ولأنه لما حرم عليه نفي نسب يتيقنه منه.. حرم عليه استلحاق نسب يتيقن أنه ليس منه.
وقال ابن قدامة في المغني: فَصْلٌ: وَالْقَذْفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: وَاجِبٌ، وَهُوَ أَنْ يَرَى امْرَأَتَهُ تَزْنِي فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ اعْتِزَالُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الزِّنَا، وَأَمْكَنَهُ نَفْيُهُ عَنْهُ، لَزِمَهُ قَذْفُهَا، وَنَفْيُ وَلَدِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى الْيَقِينِ فِي أَنَّ الْوَلَدَ مِن الزَّانِي، فَإِذَا لَمْ يَنْفِهِ لَحِقَهُ الْوَلَدُ، وَوَرِثَهُ، وَوَرِثَ أَقَارِبَهُ، وَوَرِثُوا مِنْهُ وَنَظَرَ إلَى بَنَاتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِزٍ، فَيَجِبُ نَفْيُهُ لِإِزَالَةِ ذَلِكَ. انتهى.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 260884.
والله أعلم.