الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك تحريك في أمر دينك، وزادك على الخير حرصا.
وأما ما سألت عنه فجواب السؤال الأول أن راتبك إنما يتعلق حكمه بجواز تدريس المادة العلمية نفسها، ثم بأدائك لأمانة التدريس، فطالما كانت المادة مباحة وأنت تقوم بواجبك في التدريس، فراتبك حلال.
وأما جواب ما بعد ذلك من الأسئلة فمبناه على قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105}، قال السعدي في تفسيره: أي اجتهدوا في إصلاح أنفسكم وكمالها وإلزامها سلوك الصراط المستقيم، فإنكم إذا صلحتم لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم، ولم يهتد إلى الدين القويم، وإنما يضر نفسه، ولا يدل هذا على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يضر العبدَ تركُهما وإهمالُهما، فإنه لا يتم هداه، إلا بالإتيان بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نعم، إذا كان عاجزا عن إنكار المنكر بيده ولسانه وأنكره بقلبه، فإنه لا يضره ضلال غيره. اهـ.
وقال ابن علان في (دليل الفالحين): معناها عند المحققين أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به لا يضركم تقصير غيركم، ومما كلفنا به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لم يمتثلهما المخالف فلا عتب حينئذٍ، لأن الواجب الأمر والنهي لا القبول. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الاهتداء إنما يتم بأداء الواجب، فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات لم يضره ضلال الضلال. اهـ.
فإن انضبط السائل بالضوابط الشرعية في معاملة الطالبات المتبرجات، من غص البصر ونحوه، ثم بذل النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا شيء عليه من إثمهن؛ لأنه بذلك يكون من جملة المهتدين. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 214858.
ومع ذلك فلا ريب في أن المرء لو وجد عملا خاليا من المنكرات كالتبرج أو غيره، فهذا أبرأ له وأسلم لدينه وأبعد عن الفتنة.
والله أعلم.