الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك، ويطهر قلبك، ويعينك على الثبات على التوبة، ونفيدك بأنه حيث كان قصدك من النذر حث نفسك على ترك المعصية، فإنه يكون نذر لجاج وغضب، وحكمه التخيير بين الوفاء به، وبين إخراج الكفارة، فإذا فعلت أيا منهما انحل نذرك وبرئت ذمتك، ولا يلزمك بعد ذلك الوفاء بالنذر أو إخراج الكفارة إذا فعلت ما نذرت عدم فعله؛ لأنه لم يعد عليك نذر أصلا، ما لم يكن لفظ نذرك يقتضي التكرار ـ كأن قلت كلما فعلت كذا فعلي قراءة سورة البقرة مثلا ـ فإن الكفارة تلزمك ـ حينئذ ـ بتكرر فعل المنذور تركه؛ لأن نذر اللجاج يجري مجرى اليمين، وقد بينا في الفتوى رقم: 136912، أن الكفارة لا تتعدد بتعدد الحنث إلا إذا اقترن بها لفظ يدل على إرادة التكرار، وكذا إذا اقترنت بها نية دالة على إرادته.
وبناء عليه؛ فإن كنت نذرت أنك كلما وقعت في ذلك الذنب تقرئين سورة البقرة، وقد وقعت فيه ثلاث مرات فإن عليك إخراج ثلاث كفارات، أو الوفاء بالنذر بقراءة سورة البقرة ثلاث مرات، وأي الأمرين فعلت كفى؛ كما قدمنا.
وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة على التخيير بين الثلاثة، فمن لم يجد، فصيام ثلاثة أيام؛ قال تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}.
وعلى فرض أنك نذرت قراءة البقرة في نفس اليوم الذي تذنبين فيه، فإن الجمهور على أن النذر المؤقت إذا أخره الشخص لغير عذر فلا كفارة عليه لتأخيره، وإنما يلزمه قضاؤه مع التوبة إلى الله، وراجعي بشأن هذا فتوانا رقم: 26768.
والله أعلم.