الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية ننبه إلى أن الصلاة لا يجوز التهاون في شأنها، ولا تركها عمدًا، ولا كسلًا؛ فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم؛ فمن حافظ عليها فاز وربح، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في شأن من يتهاون بها أو يضيعها، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4 ـ 5 }، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59 }. وتارك الصلاة جاحدًا لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها تكاسلًا قد اختلف أهل العلم فيه؛ هل يكون بذلك كافرًا أم لا؟ وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 512.
ثم إذا تبين أنك كنت تتوضأ بصورة خاطئة يترتب عليها بطلان الوضوء لترك ركن من أركانه -مثلًا- فيجب عليك قضاء جميع الصلوات التي صليتها بهذا الوضوء الباطل عند جمهور أهل العلم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم بعدم وجوب القضاء في هذه الحالة، ولك الأخذ بهذا القول، وراجع الفتوى رقم: 181665.
كما أن مذهب الجمهور وجوب قضاء الفوائت إذا كان ترك الصلاة كسلًا، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم بعدم مشروعية القضاء؛ جاء في الإنصاف للمرداوي: واختار الشيخ تقي الدين: أن تارك الصلاة عمدًا إذا تاب لا يشرع له قضاؤها، ولا تصح منه، بل يكثر من التطوع، وكذا الصوم. قال ابن رجب في شرح البخاري: ووقع في كلام طائفة من أصحابنا المتقدمين: أنه لا يجزئ فعلها إذا تركها عمدًا، منهم: الجوزجاني، وأبو محمد البربهاري، وابن بطة. انتهى. ويجوز لك الأخذ بهذا المذهب الأخير، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 154023.
وقد نبه كثير من أهل العلم على جواز الأخذ بالقول الأسهل أحيانًا للمشقة من غير أن يتخذ ذلك عادة، وراجع كلام بعض أهل العلم في هذه المسألة، وذلك في الفتوى رقم: 203266.
والله أعلم.