الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما تفضل به الصدقة الحاجة، والنفع، ولذلك ذكر الفقهاء أن من الأوقات المفضلة للصدقة وقت الحاجة، قال البهوتي في كشاف القناع: وفي أوقات الحاجة أفضل منها في غيرها|، لقوله تعالى: أو إطعام في يوم ذي مسغبة. انتهى.
وروى أبو داود عن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه أراه عن جده، قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ عن العقيقة ـ فقال: لا يحب الله العقوق ـ كأنه كره الاسم، وقال: من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة، وسئل عن الفرع، قال: والفرع حق وأن تتركوه حتى يكون بكرا شغزبا ابن مخاض أو ابن لبون فتعطيه أرملة أو تحمل عليه في سبيل الله خير من أن تذبحه، فيلزق لحمه بوبره وتكفئ إناءك وتوله ناقتك.
قال في عون المعبود:... خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحَهُ ـ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَتْرُكُوهُ... إِلَخْ: فَيَلْزَقَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ ـ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ يَلْصَقُ لَحْمُ الْفَرَعِ أَيْ وَلَدُ النَّاقَةِ بِوَبَرِهِ أَيْ بِصُوفِهِ، لِكَوْنِهِ قَلِيلًا غَيْرَ سَمِينٍ... انتهى.
ففي الحديث تفضيل تأخير الصدقة إلى حال مزيد نفعها، وقد بينا في الفتويين رقم: 257959، ورقم: 119829، أنه كلما كان هناك مزيد حاجة كلما تأكدت الصدقة عن غيرها.
وزيادة المبلغ المتصدق به له مزيد أجر، كما بينا في الفتوى رقم: 54738.
لكن ينبغي مراعاة ما يكون أنفع كما سبق، وعلى هذا، ففي المثال الأول سد جوع الفقير أولى، لا سيما وأن أغلب الناس يؤثر سد الجوع عن أكل الحلوى.
وفي المثال الثاني، يُسأل القائمون على المسجد، أيهما أصعب تحصيلا: الحديد أم الإسمنت، فما كان يصعب عليهم تحصيله، وقد لا يجدون من يوفره، فالإنفاق فيه أولى ـ إن شاء الله ـ فإن استويا فشراء الحديد أولى، لأنه إتمام لجهة من المسجد، كما أن بقاءه أكثر كثيرا من بقاء الإسمنت، فبقاء أجره أبقى، وانظر الفتوى رقم: 128056.
والله أعلم.