الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه الحجة هي حجة الفريضة -كما هو الظاهر- فليس لزوجك الحق في منعك من السفر للحج، ما دمت تسافرين صحبة والدك كما ذكرت. قال ابن قدامة رحمه الله: وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَبِهَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ، لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي. وَلَنَا، أَنَّهُ فَرْضٌ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ، كَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَسْتَأْذِنَهُ فِي ذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. فَإِنْ، أَذِنَ، وَإِلَّا خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
فَأَمَّا حَجُّ التَّطَوُّعِ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ التَّطَوُّعِ. انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الزوج زوجته من الحج. فهل يأثم؟
فأجاب بقوله: نعم، يأثم، إذا منع زوجته من الحج الذي تمت شروطه، فهو آثم، فلو قالت: هذا أخي محرم لي سيذهب يحج بي، وأنا عندي نفقة ولا أريد منك مالاً، وهي لم تؤد الفريضة، فيجب أن يأذن لها، فإن لم يفعل، حجت ولو لم يأذن، إلا أن تخاف أن يطلقها، فتكون حينئذٍ معذورة. انتهى.
فإذا كان هذا حكم الزوجة المدخول بها، فهو أولى في غير المدخول بها، وراجعي الفتوى رقم: 157645.
والله أعلم.