الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالقيام ركن في صلاة الفريضة، كما بيناه في الفتوى رقم: 100678، ولا يسقط إلا عند العجز عنه، أو وجود مشقة غير محتملة، وما ذكرته من ملابسات السفر، وأن مصلى النساء مغلق، والسيارات تمر، ولا تستطيعين أن تركعي، وتسجدي بحيث يراك الناس، كل هذا ليس عذرًا شرعيًا في ترك ركن القيام، والواجب عليك عند أكثر العلماء أن تعيدي تلك الصلاة التي صليتها في السيارة جالسة، وانظري الفتوى رقم: 244252.
ويجوز لكم ما دمتم مسافرين الجمع بين الظهر والعصر قصرًا، أي ركعتين ركعتين، والجمع بين المغرب والعشاء -ثلاثًا للمغرب، وركعتين للعشاء-، ولكن لا يجوز أن تؤخروا كل الصلوات، وتجمعوها عند الرجوع، فلا يجوز تأخير الظهر والعصر إلى غروب الشمس .
وإذا وصلتم إلى مدينتكم التي تستوطنونها، أو إلى المدينة التي تقصدونها، وكنتم تنوون الإقامة بها أربعة أيام، أو أكثر، فقد انقطع عنكم حكم السفر من أول لحظة وصولكم، ولزمكم إتمام الصلاة، وانظري الفتوى رقم: 180475، عن أحوال الجمع للمسافر إذا كان نازلًا أو كان سائًرا، والفتوى رقم: 216385، والفتوى رقم: 191329، وكلاهما عن أحكام الجمع والقصر في السفر.
وإن تركت شيئًا من الصلوات في السفر حتى خرج وقتها، فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، مع قضائها، وإذا قضيتها في الإقامة بعد انتهاء السفر، فإنه يلزمك أن تقضيها تامة غير مقصورة عند الحنابلة، والشافعية، وقال المالكية، والحنفية تقضينها قصرًا، جاء في الموسوعة الفقهية: قَضَاءُ فَائِتَةِ السَّفَرِ فِي الْحَضَرِ، وَعَكْسِهِ:
1 ـ قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَدِيمِ: مَنْ فَاتَتْهُ صَلاَةٌ فِي السَّفَرِ قَضَاهَا فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلاَةٌ فِي الْحَضَرِ قَضَاهَا فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ بِحَسَبِ الأْدَاءِ ...
2 : وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ ـ وَهُوَ الأْصَحُّ ـ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ؛ لأِنَّهُ تَخْفِيفٌ تَعَلَّقَ بِعُذْرٍ، فَزَال بِزَوَال الْعُذْرِ، وَإِنْ فَاتَتْهُ فِي السَّفَرِ، فَقَضَاهَا فِي السَّفَرِ، فَفِيهِ قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: لاَ يَقْصُرُ؛ لأِنَّهَا صَلاَةٌ رُدَّتْ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَ مِنْ شَرْطِهَا الْوَقْتُ، َوالثَّانِي: لَهُ أَنْ يَقْصُرَ ـ وَهُوَ الأْصَحُّ ـ لأِنَّهُ تَخْفِيفٌ تَعَلَّقَ بِعُذْرٍ، وَالْعُذْرُ بَاقٍ، فَكَانَ التَّخْفِيفُ بَاقِيًا، وَإِنْ فَاتَتْهُ فِي الْحَضَرِ صَلاَةٌ ، فَأَرَادَ قَضَاءَهَا فِي السَّفَرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ ....
3 : وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا نَسِيَ صَلاَةَ حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ، أَوْ نَسِيَ صَلاَةَ سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ صَلَّى فِي الْحَالَتَيْنِ صَلاَةَ حَضَرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَالأْثْرَمِ؛ لأِنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ فَيَبْطُل بِزَوَالِهِ ... اهـــ
ولا شك أن الأحوط قضاؤها تامة، وما صليته سابقا قصرًا لا تطالبين بإعادته، ما دام موافقًا لقول طائفة من أهل العلم، وإن كان الأحوط إعادة القضاء.
والله تعالى أعلم.