الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يمكن حصر جميع الواجبات والمحرمات في الشرع من خلال أسطر، أو فتوى، أو نحو ذلك.
ولا نعلم كتابًا جمع كل الواجبات والمحرمات، لكنها -بلا شك- مبثوثة في مختلف كتب أهل العلم، وهناك بعض الكتب التي تحدثت عن أبرز ما يجب أو يحرم على المسلم المكلف، ومنها كتاب الأخضري في فقه العبادات؛ حيث أورد مؤلفه مقدمة قيمة أجمل فيها الكلام على هذا الموضوع، فقال:
أول ما يجب على المكلف: تصحيح إيمانه، ثم معرفة ما يصلح به فرض عينه؛ كأحكام الصلاة، والطهارة، والصيام.
ويجب عليه: أن يحافظ على حدود الله، ويقف عند أمره ونهيه، ويتوب إلى الله سبحانه قبل أن يسخط عليه. وشروط التوبة: الندم على ما فات، والنية أن لا يعود إلى ذنب فيما بقى عليه من عمره، وأن يترك المعصية في ساعتها إن كان متلبسًا بها، ولا يحل له أن يؤخر التوبة، ولا يقول: حتى يهديني الله؛ فإنه من علامات الشقاء، والخذلان، وطمس البصيرة.
ويجبُ عليه: حفظ لسانه من الفحشاء، والمنكر، والكلام القبيح، وأيمان الطلاق، وانتهار المسلم وإهانته، وسبه وتخويفه في غير حق شرعي.
ويجبُ عليه: حفظ بصره عن النظر إلى الحرام، ولا يحل له أن ينظر إلى مسلم بنظرة تؤذيه إلا أن يكون فاسقًا؛ فيجب هجرانه.
ويجب عليه: حفظ جميع جوارحه ما استطاع. وأن يحب لله ويبغض له، ويرضى له ويغضب له، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
ويحرم عليه: الكذب، والغيبة، والنميمة، والكبر، والعجب، والرياء، والسمعة، والحسد، والبغض، والسخرية، والزنا، والنظر إلى الأجنبية، والتلذذ بكلامها، وأكل أموال الناس بغير طيب نفس، والأكل بالشفاعة، أو بالدين، وتأخير الصلاة عن أوقاتها.
ولا يحل له صحبة فاسق، ولا مجالسته لغير ضرورة، ولا يطلب رضا المخلوقين بسخط الخالق؛ قال الله سبحانه وتعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ}. وقال عليه [الصلاة] والسلام: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
ولا يحل له أن يفعل فعلًا حتى يعلم حكم الله فيه، ويسأل العلماء، ويقتدي بالمتبعين لسنة [النبي] -صلى الله عليه وسلم-. اهـ.
والله أعلم.