الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الدعاء على أبيك، وإن كان ظالمًا؛ لأن ذلك من العقوق، وهو من أكبر الكبائر؛ قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر -ثلاثًا-؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.. متفق عليه.
وقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- هذا السؤال: كثيرًا ما أدعو على أبي في نفسي بأن يرد الله عليه بمثل معاملته لنا, أو أقول: حسبي الله ونعم الوكيل! فوالدي فظ، غليظ, بخيل, سيئ المعاملة, فهل هذا من العقوق، وبماذا تنصحوننا؟
فأجاب: لا يجوز لك الدعاء عليه، ولكن تقولين: اللهم اهده، اللهم اكفنا شره، حسبنا الله ونعم الوكيل، لا بأس، أما الدعاء عليه: لا، الله -جل وعلا- يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23-24]، وقال في الوالدين الكافرين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان: 15]، مع أنهما كافران يدعوانه إلى الشرك، والله يقول: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، فالواجب عليكِ الدعاء له بالهداية، والتوفيق، وصلاح النية، والعمل، وأن الله يكفيك شره، تدعين له بأن الله يكفيكم شره، اللهم اكفنا شرَّ والدنا، اللهم اهده، اللهم أصلح قلبه وعمله، اللهم اكفنا شره، وما أشبه ذلك. انتهى.
فما فعلته من الدعاء على أبيك بأن يفضحه الله يعد ذنبًا من الذنوب تجب التوبة منه، سواء وقع ما دعوت به أم لم يقع.
والواجب عليك تجاه والدك أن تحسن صحبته، وأن تجتهد في نصحه، فإن قبل ذلك فهذا حسن، وإلا فادع له بالهداية، والاستقامة، وكِلْ أمره إلى الخالق سبحانه.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 59562، 179019، 204091.
والله أعلم.