الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن المقصد الشرعي من إنكار المنكر هو إزالته بالكلية أو تخفيفه، والإنكار الذي يزيد به المنكر بدل أن يزول أو يخف ليس مطلوبًا شرعًا، بل ربما يحرم؛ قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل بن إسحاق: الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ بِشُرُوطٍ:
1) أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ عَالِمًا بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ؛ لِئَلَّا يَنْهَى عَنْ مَعْرُوفٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُنْكَرٌ، أَوْ يَأْمُرُ بِمُنْكَرٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ.
2) وَأَنْ يَأْمَنَ أَنْ يُؤَدِّيَ إنْكَارُهُ إلَى مُنْكَرٍ أَكْبَرَ مِنْهُ، مِثْلُ أَنْ يَنْهَى عَنْ شُرْبِ خَمْرٍ فَيُؤَدِّيَ إلَى قَتْلِ نَفْسٍ، وَنَحْوِهِ.
3) وَأَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ أَنَّ إنْكَارَهُ يُزِيلُ الْمُنْكَرَ.
4) وَأَنَّ أَمْرَهُ بِالْمَعْرُوفِ مُؤَثِّرٌ فِيهِ وَنَافِعٌ.
وَبِفَقْدِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَحْرُمُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ.
وَبِفَقْدِ الثَّالِثِ يَسْقُطُ الْوُجُوبُ، وَيَبْقَى الْجَوَازُ أَوْ النَّدْبُ. اهـ.
فإذا كان عدم إصلاحك السيارة سيزيد من المنكر التي هي عليه بأن تذهب بنفسها وتختلط بالرجال، وتصلحها ثم تعود لعملها واختلاطها بهم في العمل، فإنه ينبغي لك أن تبادر أنت بالذهاب لإصلاحها، وتمنعها هي من الذهاب، وليس هذا من الإعانة على المنكر، بل من تقليل المنكر.
وأما ضابط الإعانة على المنكر وأقسامها وما يحرم منها: فقد تطرقنا إليه في الفتوى رقم: 238762، وانظر أيضا الفتوى رقم: 19233 عن عمل المرأة بأماكن الاختلاط ... بين المنع والإباحة.
والله تعالى أعلم.