الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر بحمد الله يسير على من يسره الله عليه، وليس هو معقدا كما يوهمك به الشيطان، وإنما عليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن تَصْدق في لجئك إليه وتوكلك عليه، وأن تتهم نفسك، ولا تتهم ربك سبحانه، فارجع على نفسك باللائمة، واحمل عليها حملة صادقة، وأكرهها على ما لا تريد من الطاعة، وعلى الامتناع عما تريد من المعصية، وبقليل من المجاهدة تنال مطلوبك، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.
ولا تمل من التوبة كلما أذنبت، فإن الله لا يمل حتى يمل العبد، ولا تيأس من رحمة الله، فإن رحمة الله قريب من المحسنين، وبابه سبحانه مفتوح لا يغلق في وجه من التجأ إليه واعتصم به وتوكل عليه، فأدم طرق الباب، فمن أدمن طرق الباب أوشك أن يفتح له، واستمر في الصبر والمصابرة، وكلما بدرت منك زلة فتداركها بتوبة عاجلة، وجالس الصالحين وصاحب الأخيار وأدم ذكر الله والفكرة في آلائه وأسمائه الحسنى وصفاته العلا، واستحضر الموت وما بعده من الأهوال العظام والأمور الجسام، فإن ذلك من أعظم ما يعينك على مجانبة المعاصي وسلوك سبيل الاستقامة، واحرص على تعلم العلم النافع الذي تتمكن به من معرفة ما يحبه الله وما يكرهه، وأتبع هذا العلم عملا بموجبه، ومع ذلك كله فاصدق في اللجأ إلى الله والابتهال له ودعائه، فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه يقلبها كيف يشاء. نسأل الله لنا ولك الهداية والثبات.
والله أعلم.