الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النقل عن (الموسوعة الفقهية) في حكم الاستمناء من غير حاجة، ومذهب الحنفية فيه أنه مكروه كراهة تحريم، بمعنى: أن فاعله يأثم. ولكن سموه بذلك لأن دليل حرمته ظني، لا قطعي. فإن المكروه كراهة تحريم عندهم هو: ما ثبت تحريمه بدليل غير قطعي. وأما المحرم: فهو ما ثبت بدليل قطعي. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 211405.
ولمزيد الفائدة عن الفرق بين الكراهة التنزيهية والكراهة التحريمية عند الجمهور راجع الفتويين: 54220، 67899.
والمذهب عند الحنفية هو التفريق بين من فعل الاستمناء لمجرد استجلاب الشهوة، وبين من كان لحاجة تسكين الشهوة؛ قال الزيلعي في (تبيين الحقائق): وَلا يَحِلُّ لَهُ إنْ قَصَدَ بِهِ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ لقوله تعالى: { وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } إلَى أَنْ قَالَ: { فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ }. أَيْ: الظَّالِمُونَ الْمُتَجَاوِزُونَ، فَلَمْ يُبَحْ الاسْتِمْتَاعُ إلا بِهِمَا، فَيَحْرُمُ الاسْتِمْتَاعُ بِالْكَفِّ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْت عَنْهُ عَطَاءً، فَقَالَ: مَكْرُوهٌ؛ سَمِعْت قَوْمًا يُحْشَرُونَ وَأَيْدِيهِمْ حَبَالَى فَأَظُنُّ أَنَّهُمْ هُمْ هَؤُلاءِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: عَذَّبَ اللَّهُ أُمَّةً كَانُوا يَعْبَثُونَ بِمَذَاكِيرِهِمْ. وَإِنْ قَصَدَ بِهِ تَسْكِينَ مَا بِهِ مِنْ الشَّهْوَةِ يُرْجَى أَنْ لا يَكُونَ عَلَيْهِ وَبَالٌ. اهـ.
وجاء في حاشية ابن عابدين: وَأَمَّا إذَا فَعَلَهُ لاسْتِجْلابِ الشَّهْوَةِ فَهُوَ آثِمٌ. اهـ.
وأما دليل من رخص فيه من غير حاجة فهو أن التحريم لم يقم عليه دليل عنده! فيبقى على الأصل؛ قال ابن حزم في (المحلى): لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، ومس المرأة فرجها كذلك مباح، بإجماع الأمة كلها، فإذا هو مباح فليس هنالك زيادة على المباح، إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حرامًا أصلًا، لقول الله تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم} [الأنعام: 119]. وليس هذا مما فصل لنا تحريمه، فهو حلال لقوله تعالى: {خلق لكم ما في الأرض جميعا} [البقرة: 29]، إلا أننا نكرهه؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق، ولا من الفضائل. اهـ.
وهذا القول مرجوح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23868.
وأما السؤال الثاني: فجوابه: أن ذلك لا يجوز، وهو أولى بالمنع من فعل ذلك مع الزوجة التي هي محل الشهوة المباحة، بل هو نوع من اللوطية، وراجع في ذلك الفتويين: 111592، 55350.
والله أعلم.