الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما من شك في أن السرقة من أعظم المنكرات والكبائر، ولكن التوبة تجب ما قبلها، ومن تاب تاب الله عليه، ومن تمام التوبة ولوازمها ـ إذا كان الذنب متعلقا بحقوق الآدميين ـ رد الحقوق إلى أصحابها أو التحلل منهم، وبالتالي فلابد لقبول توبة هذا الشخص وعدم مؤاخذته بما فعل يوم القيامة من أن يرد إلي أبيه وأمه وإخوته المبالغ التي سرقها منهم أو يقبلوا مسامحته بها، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 36270، 138761، 71771.
ولا يلزم أن يرد ما أخذ بطريقة مباشرة ـ إن كان في ذلك حرج له ـ بل يمكن أن يرده إليهم بطرق شتى لا يفتضح بها أمره، كأن يبعثه لهم مع غيره أو نحو ذلك، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فإذا سرقت من شخص أو من جهة ما سرقة، فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه وتقول إن عندي لكم كذا وكذا، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه، لكن قد يرى الإنسان أن هذا أمر شاق عليه، وأنه لا يمكن أن يذهب مثلاً إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا، وأخذت منك كذا وكذا، ففي هذه الحال يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم مثلاً عن طريق آخر غير مباشر مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له، ويقول هذه لفلان ويحكى له قصته ويقول أنا الآن تبت إلى الله عز وجل فأرجو أن توصلها إليه.. وإذا فعل ذلك فإن الله يقول: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً.. ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ـ فييسر الأمر.. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 21859.
وإن كان هذا الشخص يجهل قدر المال الذي أخذ منهم، فليجتهد في أن يرد ما يغلب على ظنه أنه أخذه منهم، وكذلك عليه ان يجتهد في تقدير ما أخذ من كل شخص منهم على حدة إن جهل قدره, وليأخذ بالاحتياط في ذلك كله إبراء لذمته، وانظر الفتوى رقم: 259783.
والله أعلم.