الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول السائل: "عند السلام الأول" يحتمل أنه يقصد أن الشك حصل له قبل النطق بالتسليمة الأولى، كما يحتمل أنه بعد النطق بها.
فإن كان يقصد الاحتمال الأول: فكان الواجب عليه التريث حتى يتيقن أن الصلاة قد كملت، أو يأتي بما شك فيه؛ لتبرأ ذمته بيقين. وإذا سلم مع شكه في تمام الصلاة فقد رجح بعض أهل العلم بطلان الصلاة بذلك؛ حيث ظهر له بعد ذلك كمال صلاته، كما في الفتوى رقم: 179887.
وإن كان يقصد الاحتمال الثاني: فقد اختلف أهل العلم في حكم التسليمة الثانية، والظاهر من كلام الشيخين: ابن باز، وابن عثيمين -رحمهما الله- أن التسليمة الثانية جزء من الصلاة؛ فقد جاء في فتاوى نور على الدرب؛ قال الشيخ/ ابن باز: "وإذا سلم عامدا قبل سلام إمامه، أو قبل التسليمة الثانية بطلت صلاته، وعليه أن يعيدها"، وقال الشيخ/ ابن عثيمين في المسبوق: "فالواجب أن ينتظر المأموم حتى يسلم الإمام التسليمتين كلتيهما ثم يقوم". وقد بينا حجج أهل العلم في هذا في الفتوى رقم: 4161.
فعلى قول الجمهور أن الصلاة تتم بالتسليمة الأولى: فلا يلتفت إلى الشك بعدها ما لم يتيقن؛ لأن الشك بعد الانتهاء من العبادة لا يضر.
وإذا تيقن الشخص حصول النقص فإنه يأتي بما نقص ما لم يطل الوقت، ويسجد للسهو بعد السلام، فإن طال الفصل أعاد الصلاة كلها من جديد.
وعلى قول الحنابلة بأن التسليمة الثانية ركن: فإن المصلي لم يخرج من الصلاة بالتسليمة الأولى، وعليه أن يبني على ما تيقن، ويأتي بما شك فيه؛ فإن الشك في النقصان قبل الانتهاء من العبادة كتحققه؛ فمثلًا: إن كانت الصلاة رباعية بنى على اليقين وهو ثلاث ركعات، فيأتي بالرابعة ثم يسجد للسهو، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا؟ فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم... الحديث. رواه مسلم، وغيره.
وليس مِن شكٍّ في أن مذهب الحنابلة هنا أحوط، وعليه يكون الواجب على من شك في النقص قبل التسليمة الثانية أن يأتي بما شك فيه ويسجد للسهو. وأما من تيقن النقص فلا خلاف في أنه يأتي بما تيقن تركه إن لم يكن الفصل قد طال، وإن طال الفصل أعاد الصلاة كلها.
والله أعلم.