الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفرق بين ما قاله الجمل في حاشيته على شرح المنهج وبين كون فرعون لم تقبل توبته لما عاين الموت، وذلك أن قول الجمل: (وَإِنْ كُنَّا لا نُرَتِّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ). معناه: أننا لا نحكم للمحتضر الكافر الذي بلغ الغرغرة أنه مسلم، ولا نصلي عليه، ولا ندفنه في مقابر المسلمين، وغيرها من الأحكام، بل حكمه -عندنا- في الدنيا حكم الكافر، وأما حكمه عند الله -في الآخرة- فلا نعرفه، إذ يحتمل أن يقولها قبل الغرغرة بزمن يسير يخفى علينا، إذ الغرغرة بلوغ الروح الحلقوم، والوصول إلى حد لا تتصور بعده الحياة، وهذا المعنى فيه نوع خفاء، فلهذا الاحتمال نلقنه الشهادتين فقد تنفعه إذا قاله قبل الغرغرة. وأما معاملته في الدنيا فنعامله معاملة الكافر مثله مثل فرعون.
والله أعلم.