الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا ينبغي تعمد تفويت ركعة مع الإمام، وقد جاء الوعيد في التأخر؛ كما في حديث: لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ. رواه مسلم وأبو داود، قال العيني في شرح سنن أبي داود: وهذا تغليظ في حق من يتكاسل عن المبادرة إلى الصف الأول، ويجيء في أخريات الناس وتعود بذلك. اهــ
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الحديث: ولا شك أيضاً أن التأخر عن الصلاة أشد من التأخر عن الصف الأول، وعلى هذا فيخشى على الإنسان إذا عود نفسه التأخر في العبادة أن يبتلى بأن يؤخره الله عز وجل في جميع مواطن الخير. اهـــ
وهذا التعمد في تفويت الركعة الأولى تفوت به فضائل كثيرة منها: فضل تكبيرة الإحرام مع الإمام، فقد روى الترمذي عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق. والحديث حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي. وجاء في ذلك ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف عن مجاهد قال: سمعت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا أعلمه إلا ممن شهد بدرًا. قال لابنه: أدركت الصلاة معنا؟ قال : نعم ، قال: أدركت التكبيرة الأولى؟ قال: لا. قال: لما فاتك منها خير من مائة ناقة كلها سود العين.
ومنها: تفويت أجر التبكير إلى الصلاة، ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً. اهـــ
قال النووي في شرح صحيح مسلم: التَّهْجِيرُ التَّبْكِيرُ, وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ" أَيِ التَّبْكِيرِ إِلَى كُلِّ صلاة. اهــ
فليس من الحكمة ولا الشرع أن يفوت الإنسان هذه الفضائل لأجل أن يقنت، ولا نعلم أحدا من أهل العلم القائلين بمشروعية قنوت الفجر كالشافعية والمالكية قال بمشروعية التأخر عن أول الصلاة وتعمد تفويت الركعة الأولى لأجل أن يقنت المسبوق بعد ذلك.
والله تعالى أعلم.