الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما أقبح ما ارتكبته، وأعظم ما اقترفته من الإثم، غير أن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فعليك أن تندم على صنيعك، وتعزم على عدم العود إليه. وينبغي أن تكثر من فعل الحسنات، والتقرب إلى الله بنوافل العبادات، وتجتهد في الإحسان إلى والديك، وبرهما عوضا عن إساءتك السابقة لهما؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وأما فرضك الصوم على نفسك: فلا يلزمك، إلا إن تلفظت بصيغة تفيد الالتزام كالنذر، فإن كنت تلفظت بصيغة تفيد نذر صوم كل يوم، لزمك ما التزمته، ووجب عليك الصوم.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن من نذر صيام الدهر، لزمه صيامه، ولم يدخل في نذره رمضان؛ لأن صيام أيامه لا يقع إلا للفريضة، كما لا يدخل في نذره أيام العيدين، والتشريق، فلا تصام عن نذره، ولا يقضي هذه الأيام؛ لأنها لا تقبل صوما، ولهذا للناذر أن يقضي ما أفطره من رمضان، ويصوم الكفارات التي وجبت عليه: ككفارة الظهار، والقتل، والوقاع في نهار رمضان واليمين، مقدما ذلك على النذر؛ لأن هذا الصيام واجب بأصل الشرع، فيقدم على الصيام الذي أوجبه على نفسه بالنذر، كتقديم حجة الإسلام على المنذورة، فإن أفطر في أثناء صيامه هذا لعذر، أو لغيره، لم يقض ما أفطره منه؛ لأن الزمن مستغرق بالصوم المنذور، إلا أنه تلزمه فدية لترك الصيام بلا عذر. انتهى.
والله أعلم.