الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي تاب عليك وأعانك على الاستقامة، ثم اعلم وفقك الله أن التوبة مقبولة من كل أحد، فمهما كان الذنب عظيما فإن عفو الله تعالى أعظم ورحمته أشمل، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا ندمت على ما مضى منك من التقصير والتفريط، وعزمت على عدم العودة إلى ذنبك، وحافظت على الصلوات في أوقاتها، فأحسن ظنك بربك وثق بعفوه وسعة جوده وكرمه، وأنه سيغفر لك ويتجاوز عنك، وأما ما مضى من صلواتك التي تركتها ففي وجوب قضائها خلاف مشهور بين العلماء، أوضحناه في الفتوى رقم: 128781، والمفتى به عندنا هو لزوم القضاء، والواجب عليك أن تقلد في هذه المسألة من تثق بعلمه وورعه من أهل العلم، وقد بينا ما يلزم العامي عند الخلاف في الفتوى رقم: 120640، فحيث قلدت من يفتي بعدم لزوم القضاء فإنك تكثر من النوافل والاستغفار ويكفيك هذا، وحيث أخذت بما نفتي به -وهو الأحوط- فإنك تتحرى عدد ما تركته من الصلوات فتقضيها حتى يحصل لك العلم ببراءة ذمتك، ولا يلزمك القضاء بما يشق عليك وتتضرر به في بدنك أو معيشة تحتاجها، وراجع لبيان كيفية القضاء فتوانا رقم: 70806، ويرى فقهاء المالكية أنه يكفيك قضاء يومين مع كل يوم، وهذا القضاء مقدم على فعل النوافل؛ كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 263875، وأما خلاف العلماء في حكم تارك الصلاة فقد بيناه في الفتوى رقم: 130853 ورجحنا أنه لا يكفر كفرا ناقلا عن الملة.
والله أعلم.