الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، ويكفيك شر نفسك .. ونعيذك بالله تعالى من أسباب الضلالة والجهالة، ونوصيك أن تنشغل بما ينفعك، وتجتهد في إصلاح حالك والاستقامة على طاعة ربك سبحانه، ولا نرى من المناسب أن نخوض في كل جزئيات سؤالك؛ ففيها جانب كبير من الخطأ والمغالطة! ويكفينا أن نلفت نظرك إلى أن ما استنكرته من كلام ابن القيم، لو أكملته لوجدت بعده بقليل ما ينفعك ويجيب عن جانب من إشكالك، حيث تعرض ـ رحمه الله ـ بعد ما نقلته عنه لخلاف العلماء في دخول الجنة للمفعول به، ثم قال: والتحقيق في المسألة أن يقال: إن تاب المبتلى بهذا البلاء وأناب، ورزق توبة نصوحا وعملا صالحا، وكان في كبره خيرا منه في صغره، وبدل سيئاته بحسنات، وغسل عار ذلك عنه بأنواع الطاعات والقربات، وغض بصره وحفظ فرجه عن المحرمات، وصدق الله في معاملته، فهذا مغفور له وهو من أهل الجنة، فإن الله يغفر الذنوب جميعا، وإذا كانت التوبة تمحو كل ذنب، حتى الشرك بالله وقتل أنبيائه وأوليائه والسحر والكفر وغير ذلك، فلا تقصر عن محو هذا الذنب، وقد استقرت حكمة الله تعالى به عدلا وفضلا أن: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنى، أنه يبدل سيئاته حسنات، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب، وقد قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد. ولكن هذا في حقّ التائبين خاصة اهـ.
ولذلك فإننا نشدد على السائل في أن يعود باللائمة على فهمه هو لكلام أهل العلم، لا على أهل العلم أنفسهم، فهم أرشد وأقرب إلى الإصابة، واتهام النفس أقرب إلى السلامة!
وعلى أية حال فبقية جزئيات السؤال قد سبق لنا الجواب عنها، فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 267901، 157241، 272242، 259276، 259735، 265111، 266764، 252112. فإن بقي بعدها إشكال معين حقيقي ولا يقصد من ورائه التحامل على شرع الله تعالى وحَمَلَتِه فلا حرج أن ترسل إلينا به.
والله أعلم.