الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بكفر تارك الصلاة كفرًا ناقلًا عن الملة هو قول: سعيد بن جبير, وعامر الشعبي, وإبراهيم النخعي, وأبي عمرو الأوزاعي، وأيوب السختياني, وعبد الله بن المبارك, وإسحاق بن راهويه, وعبد الملك بن حبيب من المالكية, وقال به بعض الشافعية، وحكاه أبو محمد ابن حزم عن عمر بن الخطاب, ومعاذ بن جبل, وعبد الرحمن بن عوف, وأبي هريرة, وغيرهم من الصحابة. كذا ذكره ابن القيم في كتاب الصلاة، واستدلوا على هذا القول بأدلة من القرآن والسنة وإجماع الصحابة، كما بسط حججهم ابن القيم -رحمه الله- في كتاب الصلاة، فاستدلوا من القرآن بنحو قوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ{التوبة:11}، واستدلوا من السنة بنحو قوله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد، وأهل السنن، وصححه الترمذي، إلى غير ذلك من أدلتهم، فإن شئت بسطها فارجع إلى كتاب ابن القيم: الصلاة وأحكام تاركها.
وإذا علمت هذا؛ فاعلم أن هذه المسألة مختلف فيها بين أهل العلم، والخلاف فيها قوي جدا، وقد بسطنا هذا الخلاف، وبينا ما هو راجح عندنا في الفتوى رقم: 130853.
وكل مسلم محب لدينه حريص على أن يلقى الله وهو من أهل التوحيد يأنف لنفسه أن يكون انتسابه للإسلام محل خلاف بين العلماء، فطائفة تراه كافرًا خارجًا من الملة، وطائفة تراه من شر العصاة، وأنه شر من الزاني، والسارق, وشارب الخمر, وقاتل النفس. فأمر ترك الصلاة جد خطير، ومن ثم؛ فإن عليك أن تتوب إلى الله تعالى مما فرط منك من إضاعة الصلاة، وأن تحافظ على الصلاة فيما يستقبل من عمرك، فلا تفرط فيها أبدًا. ونحن نرجح أن تارك الصلاة كسلًا لا يخرج بتركه لها عن الملة، ومن ثم؛ فأنت على الإسلام لم تزل، وإنما عليك التوبة الصادقة، وأن تحرص على صلاتك، وعليك أن تقضي ما تعمدت إضاعته من الصلوات في قول الجمهور، وفي هذه المسألة خلاف ترى إيضاحه في الفتوى رقم: 128781.
والله أعلم.