الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا القول -كما أشرت- مروي عن سفيان بن عيينة ـ رحمه الله، وقد فسر به الحديث الوارد في الصحيحين: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به.
لكن هذا التفسير مردود بما ورد في حديث المفلس، الذي رواه مسلم وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ»، قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، فَقَالَ «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».
فقوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ .. دليل أن ثواب الصيام كغيره من العبادات يأخذه الغرماء يوم القيامة، بعكس ما قال ابن عيينة.
جاء في دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين ـ تعليقا على الحديث السابق ـ بهذا ردّ قول سفيان بن عيينة إن وجه إضافة الصوم في حديث «الصوم لي» أن أصحاب التبعات إنما يأخذون من حسنات الظالم حتى يبقى الصيام فعند ذلك يقول الله: «الصوم لي وأنا أجزي به»، ويرضي عنه الخصوم. اهـ
وراجع الفتاوى ذوات الأرقام: 26874 - 246886 - 256711.
والله أعلم.