الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهوني على نفسك أيتها السائلة الكريمة؛ فإن الله مطلع على خلقه، ولا يخفى عليه حال الظالم ولا المظلوم، وتذكري قوله تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ {إبراهيم:42}. واعلمي أن إجابة الدعاء متيقنة، وإن كان لا يلزم أن تكون فقط بحصول المطلوب، وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 21386، 125921، 141549، 123642.
ومن ذلك إجابة دعوة المظلوم، وحسبك قول النبي صلى الله عليه وسلم: واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب. رواه البخاري ومسلم. وقوله عليه الصلاة والسلام: ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين. رواه الترمذي وأحمد وغيرهما. وقوله: (ولو بعد حين) يدل علي أنه سبحانه وتعالي يمهل الظالم، ولا يهمله، قال تعالي: {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا}. شرح المشكاة للطيبي. وقد جاء في بعض الآثار أنه كان بين قوله (قد أجيبت دعوتكما) وغرق فرعون أربعون عاما، ووقوع العفو عن بعض أفراد الظلمة يكون مع تعويض المظلوم، فهو نصر أيضا. فيض القدير.
وعلى ذلك فإجابة دعوة المظلوم متحققة، إلا أن الله سبحانه يحققها متى يشاء وكيف يشاء. وانظري أيضا الفتاوى التالية أرقامها: 130637، 165825، 163121، 34700. فإياك واليأس والقنوط وإساءة الظن بالله عز وجل، وحسبك أن تتذكري قوله تعالى: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، فإياكم وسوء الظن بالله، فإنه قادر على نصركم، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم: ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض. من تفسير السعدي.
ويجدر بالذكر أن الدعاء على الظالم له أحوال وضوابط يحسن أن تراجعي بشأنها الفتوى رقم: 255325، وإحالاتها.
وختاما، نوصيك بمراجعة نفسك والسعي في إصلاح عيوبها، يقول ابن القيم: ومما ينبغي للمسلم إذا أصيب بمحنة أن ينشغل بتصحيح أعماله وإصلاح عيوبه، بدلًا من اليأس والتعجب والإنكار، فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه، أو لا يعلمه، وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها، وما ينساه مما علمه وعمله أضعاف ما يذكره. وراجعي بخصوص حدود التعامل مع أخي الزوج الفتوى رقم: 96586.
والله أعلم.