الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور رواه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وهوـ كما قال بعض أهل العلم ـ في من يتظاهر بالصلاح والبعد عن المعاصي أمام الناس، فإذا خلا وحده بارز الله بالمعاصي، فكأنه يجعل الله تعالى أهون الناظرين إليه، وعلى هذا حمله الهيتمي في الكبائر فقال (الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: إظْهَارُ زِيِّ الصَّالِحِينَ فِي الْمَلَأِ وَانْتِهَاكُ الْمَحَارِمِ وَلَوْ صَغَائِرَ فِي الْخَلْوَةِ). وجاء في حلية الأولياء تعليقا على هذا الحديث: قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: هَذَا وَاللهِ النِّفَاقُ، فَأَخَذَ الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ: صَدَقْتَ وَاللهِ أَبَا يَحْيَى.
وجاء في نور التقوى وظلمات المعاصي لسعيد القحطاني ولعل هؤلاء استحلّوا هذه المحارم، أو عملوا عملاً يخرجهم عن الإسلام، أو لهم غرماء أُعطوا هذه الحسنات كلها. اهـ
فهذا النوع من الناس لم يراقب الله ـ سبحانه وتعالى ـ، ولم يخشه كما راقب الناس وخشيهم كما قال تعالى في المنافقين: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا {النساء:108}،
أما من لم تكن هذه صفته، أو كان صاحب معصية وتاب منها قبل موته، فلن تذهب حسناته؛ فالله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، ولا يظلم الناس شيئا، ويحب التوابين ويقبل توبة التائبين، ويبدل سيئاتهم حسنات إذا أخلصوا التوبة منها كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى:25}، وقال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}.
ولمعرفة السيئات التي تبطل الحسنات انظر الفتوى رقم: 41314.
والله أعلم.