الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص ما سألت عنه نقول:
1- مبادلة الشقة (أ) بحجز الشقة (ب) لا تصح؛ لأن بيع المستصنع قبل قبضه لا يجوز على فرض أن العقد بين الجمعية والحاجزين عقد استصناع. هذا بالإضافة إلى أن مبادلة عين معلومة بأخرى مجهولة المواصفات على سبيل المعاوضة لا تصح عمومًا؛ لأنها تجري حينئذ مجرى البيع، ومن شروط صحة البيع: معرفة الثمن والمثمن. قال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما شرائط الصحة ... ومنها: أن يكون المبيع معلوما، وثمنه معلوما علما يمنع من المنازعة، وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: فلا بد من كون الثمن والمثمن معلومين للبائع والمشتري وإلا فسد البيع..وعلى ذلك؛ فلا يصح هذا الاتفاق المذكور.
2- إن رضي الطرف الآخر ببيع الشقة (أ) لكم بأي سعر تتراضون عليه فلا بأس، وإلا فلا يجوز لكم إجباره على بيعها أصلًا، فضلًا عن بيعها لكم بالسعر المذكور إلا برضاه. فإن أبى إلا أخذ شقته، فهي له، ويرد لكم ما دفعتموه في التشطيب والمرافق، وتردون إليه شقته إضافة إلى أجرة المثل عن المدة التي استخدمتموها فيها. جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي: "المقبوض بعقد فاسد لا يملك به، ولا ينفذ تصرفه فيه على الصحيح من المذهب ...فعلى المذهب يضمنه، كالغصب، ويلزمه رد النماء المنفصل والمتصل، وأجرة مثله مدة بقائه في يده." انتهى.
3- جلسات التحكيم العرفية داخلة في مجال الصلح وهو مشروع ما لم يحرم حلالًا أو يحل حرامًا، فمدى مشروعيتها بحسب التزامها بتحكيم شرع الله سبحانه، والتزام العدل بين المتحاكمين، فإن كانت لا تلتزم بشرع الله، أو كان فيها هضم لحق الضعيف أمام القوي، فلا يجوز التحاكم إليها أصلًا، وحكمها جائر باطل، غير نافذ شرعًا. قال العلامة النفراوي المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: أما إن كان الصلح مخالفا للشرع، فإنه يكون فاسدا، ومن ثم فإنه ينقض؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح، وصححه الحاكم. انتهى. والصلح المحرم لا يجعل الحرام حلالًا، ومجرد موافقة الطرف الأضعف على الحكم الجائر لا يصيره حلالًا في حق الطرف الآخر؛ لأنه وافق عليه مكرهًا تحت ضغط، لكن إن رأى التنازل باختياره عن بعض حقه قطعًا للنزاع والخصومة، فله ذلك.
4- إن لم تستطيعوا أن تحصلوا على حقكم إلا عن طريق الضغط بأمور قانونية أو عرفية، فيجوز لكم ذلك -إن شاء الله-، على ألا تأخذوا أكثر من حقكم المشروع. وانظر الفتوى رقم: 38757.
5- إن كانت الوالدة -رحمها الله- جاهلة بعدم شرعية ما فعلت، فلا تؤاخذ -إن شاء الله-؛ لعموم الأدلة القاضية بالعذر بالجهل في نحو تلك الأمور. وانظر الفتوى رقم: 156483، وإحالاتها.
وعليكم الآن إصلاح ما يمكن إصلاحه من الحال المذكور، كما سبق بيانه.
والله أعلم.