الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه وإن بدا التواصل الشبكي في الموضوعات العامة عبر (الجروبات) بين الشاب والفتاة أبعد عن الشبهة والفتنة من الحوار الخاص المغلق، إلا أن الواقع الملموس أن عامة علاقات التواصل الشبكي في الموضوعات الخاصة على الخاص بين الجنسين إنما بدأت من خلال التواصل الشبكي على العام في موضوعات عامة، ولما كان سدّ الذرائع إلى الحرام من أصول الشريعة في الإسلام، وكانت الفتنة على الرجال أشد ما تكون من النساء، كما في الصححين من حديث أسامة بن زيد مرفوعا: مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ. ولما كان الأمر كذلك وضع الفقهاء ضوابط لجواز التواصل بين الجنسين، فإذا توفرت تلك الضوابط كان التواصل جائزا، وإلا كان التواصل محرما، وللوقوف على تلك الضوابط للأهمية تنظر الفتوى رقم: 246250، بعنوان: ضوابط التواصل الشبكي بين الجنسين.
ومن أبرز هذه الضوابط المتعلقة بالسؤال أن يكون ثمة حاجة تستدعي الكلام بين الطرفين، فكون موضوع الكلام بينهما عاما ومباحا لا يكفي لتجويز هذا التواصل، قال العلامة الخادمي ـ رحمه الله ـ: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة، ومن أمثلة الحاجة الفتوى والتعلم والتبايع والخطبة ونحوها، كما أننا نلاحظ أنه مع قلة الورع بين الناس، وضعف الحياء والغيرة، قصرت المسافة جدا بين التواصل على العام، والتواصل على الخاص بين الجنسين في كثير من المجموعات الشبكية، فلا تتورع المرأة عن الخضوع بالقول، ولا يتورع الشاب عن طلب التواصل على الخاص، فعلى السائل الكريم أن يتقي الله ما استطاع، وأن يراقب الله تعالى في سمعه وبصره ولسانه وقلبه، ومما يعين على ذلك التذكير بمخاطر التواصل الشبكي بين الجنسين، وقد أوضحنا جانبا منها في الفتوى رقم: 239461، وما يشيع بين بعض المفتين أن الأجنبية كالأخت إنما هو من التلبيس على الناس، فإن أحكام الأخت النسبية مغايرة لأحكام المرأة الأجنبية، فكيف يستويان!
والله أعلم.