الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الساجد سجود التلاوة، لا يرفع يديه للهوي له، باتفاق المذاهب الأربعة، سواء كان في الصلاة أم خارجها.
أما في الصلاة: فقياساً على الهُوي للسجود الركن، لا رفعَ لليدين له.
لكن ذهب أكثر الشافعية -خلافاً للجمهور- إلى أنه إن كان خارج الصلاة، فإنه يكبر تكبيرتين، تكبيرة الإحرام قائماً، ويرفع يديه معها إلى حذو منكبيه، كالإحرام بالصلاة، ثم يكبر تكبيرة ثانية للهُوي دون رفع اليدين، كما السجودُ في الصلاة.
وذهب الجمهور من الحنفية، والمالكية، والحنبلية، وبعض الشافعية إلى أنه ليس لسجود التلاوة تكبيرة إحرام، وإنما يكبر للهوي، وليس معه رفع اليدين.
واستُدِلَّ لقول الجمهور بما رواه أبو داود عن ابن عمر: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر، وسجد وسجدنا معه»، قال عبد الرزاق: وكان الثوري يعجبه هذا الحديث.
قال أبو داود: يُعجبه لأنه كبَّر. انتهى أي ذَكَر أنه كبَّر. قالوا: وظاهره أنه كبر تكبيرة واحدة، تكبيرة الهُوي.
قال ابن تيمية رحمه الله: ولا سَنَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم سلاماً، لم يُروَ ذلك عنه لا بإسناد صحيح، ولا ضعيف، بل هو بدعة، ولا جعل لها تكبيرَ افتتاحٍ، وإنما رُوي عنه أنه كبَّر فيها إما للرفع، وإما للخفض. والحديث في السنن. اهـ.
فالحاصل أنه لا يرفع يديه لهُويِّه للسجود باتفاقهم، واختلفوا فيمن كان في غير صلاة هل يكبر للإحرام أم لا، فمن قال يكبِّر للإحرام -وهم أكثر الشافعية- قال باستحباب رفع اليدين عنده، لا عند الهُوي للسجود، ومن قال لا يشرع الإحرام لها، لم يشرع عنده رفع اليدين لا له، ولا للهُوي، وهو قول الجمهور، وهو الراجح.
والله أعلم.