الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإنه لا إثم عليك في كل الحالات المذكورة حتى الأخيرة منها، لأنها قد تشتريها لنفسها، وتلبسها في البيت، أو بصفة لا تتبرج فيها، كأن تلبسها تحت حجابها إذا خرجت، ونحو ذلك، وإنما تأثم إذا بعتها وأنت تعلم أو يغلب على ظنك – بالقرائن - أنها ستتبرج بها، فحينئذ يحرم عليك بيع تلك الملابس لها؛ لما في البيع من الإعانة على المعصية، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء " ما حكم الاتجار في زينة النساء، وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع كما يرى من حالها أمامه، وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار؟ " فأجابت بقولها:
"لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها، أو لم يعلم شيئا، فيجوز له الاتجار فيها". اهــ
وكذا إذا كانت تلك التيشرتات خاصة بالرجال دون النساء، وعلمت أو غلب على ظنك أنها ستشتريها لنفسها، فلا تبعها لها؛ لما في لبسها لها من التشبه بالرجال، وهذا محرّم؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. رواه البخاري، وغيره.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "يحرم على المرأة أن تلبس ثياب الرجال مطلقا، سواء في الصلاة أو غيرها، لما رواه البخاري في (صحيحه) عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء» ولما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل". اهــ
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: إذا كان الثوب الذي تلبسه المرأة من الثياب الخاصة بالرجال، فإن لبسها إياه حرام، سواء كان في حال الصلاة، أو في غير حال الصلاة؛ وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لعن المتشبهات من النساء بالرجال، ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء)، فلا يحل لامرأة أن تلبس ثوباً خاصاً بالرجل. اهــ
والله تعالى أعلم.