الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن سنة الوضوء تفوت بالإعراض عنها، والانشغال بشيء آخر، أو بالحدث، أو بطول الفصل عرفا بينها وبين الوضوء، كما نص على ذلك علماء الشافعية.
جاء في الغرر البهية لزكريا الأنصاري: وَتَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا عَلَى الْأَوْجَهِ، وَقِيلَ: بِالْإِعْرَاضِ وَقِيلَ: بِالْحَدَثِ. اهـ.
وفي تحفة المحتاج للهيتمي: وَهَلْ تَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، كَمَا بَحَثَهُ بعضهم، أَوْ بِالْحَدَثِ، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا؟ احْتِمَالَاتٌ: أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي رَوْضِهِ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَوَضَّأَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَهُ. اهـ.
ولذلك، فإنك إذا انشغلت عنها بشيء آخر، ولم تصلها عقب الوضوء، فقد فاتت عليك، ولم نقف على تحديد لمدة معينة للفصل بينها وبين الوضوء، ولكن ذلك يرجع إلى العرف -كما رأيت- فما عده الناس طولا في عرفهم، يعتبر طولا، إذ لم يرد تحديده بمدة زمنية محددة, كساعة، أو ربعها، أو ثلثها.
وإذا فاتت فإنها لا تقضى؛ لأنها ليست من النوافل التي تقضى، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 58749.
والله أعلم.