الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن معاشرة هذا النوع من الأزواج من أصعب الأمور، وإذا صبرت الزوجة على مثل هذا الزوج كان لها أجر عظيم ـ بإذن الله ـ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي.
فنرجو أن يكون لك الثواب الكبير من الله تعالى بصبرك على زوجك هذه المدة، وإذا كنت متضررة من البقاء معه على هذا الحال فلك الحق في رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية وطلب الطلاق منه، وبما أن الله سبحانه قد رزقك منه الولد فمهما أمكنك الصبر عليه والبقاء في عصمته من أجلهم فافعلي، فالغالب أن يتضرر الأولاد بفراق الأبوين، ولمعرفة حكم التداوي من المرض راجعي الفتوى رقم: 31887.
وأما فيما يتعلق بمؤاخذته بتصرفاته، فليس كل مرض نفسي ترتفع معه أهلية التكليف، فإذا كان يعقل أقواله وأفعاله فإنه يحاسب عليها، فالعقل هو مناط التكليف، دل على ذلك الحديث الذي رواه النسائي وابن ماجه عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق.
ولا يلزم في زواجك منه أن يكون عقوبة على ذنب، بل قد يكون الأمر مجرد ابتلاء، ترفع به الدرجات، وتكفر السيئات لمن صبر واحتسب، والحياة دار ابتلاء وامتحان، قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {الملك:2}.
فلا تلتفتي إلى مثل هذا الكلام الذي يصدر منه، وننبه إلى أن مجرد الإصابة بمرض نفسي ليس موجبا للخيار ما لم يصل بصاحبه إلى حد الجنون، ومن هنا لا يجب الإخبار به إلا إذا اشترطتِ السلامة منه، وراجعي الفتوى رقم: 128977، والأرقام المحال عليها فيها.
والله أعلم.