الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شأن الرجال التوسع في الزينة، ولذلك مخاطر بيناها في الفتوى رقم: 118576.
ثم إن هذه الزينة الدنيوية عرضة للزوال، روى البخاري عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء، لا تسبق ـ قال حميد: أو لا تكاد تسبق ـ فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال: حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه.
قال العينس في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: وَفِيه: التزهيد فِي الدُّنْيَا للْإِشَارَة إِلَى أَن كل شَيْء مِنْهَا لَا يرْتَفع إلاَّ يتضع، وَفِيه: الْحَث على التَّوَاضُع.
وقد بينا علاج هذا الأمر في الفتوى رقم: 162227.
وننصحك بمراجعة قسم الاستشارات من موقعنا.
وأما تفسير ذلك: فالغالب على من يتعلق بالزينة فراغ قلبه من الانشغال بمعالي الأمور، ولو تفرغ المرء للمعالي لما وجد وقتا لمثل هذه السفاسف، ولذا كان العرب لا يمدحون الرجل بالجمال، حتى عاب النقاد قول الخنساء ترثي أخاها صخراً:
ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ......ألا تبكيانِ الفَتى السيّدا؟
بل يمدحون بالخشونة، ولذا روى الإمام أحمد عن أبي عثمان النهدي، عن عمر بن الخطاب أنه قال: اتزروا وارتدوا وانتعلوا وألقوا الخفاف والسراويلات، وألقوا الركب، وانزوا نزوا، وعليكم بالمعدية، وارموا الأغراض، وذروا التنعم وزي العجم، وإياكم والحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد نهى عنه. صحح إسناده العلامة أحمد شاكر والشيخ شعيب الأرناؤوط.
قال العلامة أحمد شاكر: وعليكم بالمعدّية ـ يريد خشونة اللباس والعيش، تشبها بمعدّ بن عدنان جد الحرب، وكانوا أهل قشف وغلظ في المعاش، ففي التنعم اللين والطراوة، ثم يتبعها الضعف والذلة.
ونوصيك بقراءة كتاب علو الهمة للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم.
والله أعلم.